مضايقة ملاّك المراتع عن فضل الكلاء.
ويساعد هذا الاحتمال تكرار الضرر في هذه القاعدة فيكون « لا ضرر » ناظراً إلى الضرر الأوّل ( أي المنع عن فضل الماء ) و « لا ضرار » إلى الضرر الثاني ، أي إلى مقابلة الثاني بالمثل ، وذلك لمكان باب المفاعلة كما سيأتي.
ثمّ إنّه هل كان استدلال الرسول صلىاللهعليهوآله على حكم مستحبّ ، أو على حكم وجوبي ، أي هل اعطاء فضل الماء وعدم المنع عنه واجب على صاحب البئر أو مستحبّ؟
المشهور هو الثاني ، وذهب الشيخ الطوسي رحمهالله وجماعة إلى الأوّل ، وتفصيل الكلام في محلّه ، وإن كان قول الشيخ أوفق بظاهر الأدلّة.
ثمّ إنّه لو كانت كلمة « قال » الواردة في ذيل الحديث بالفاء ( فقال ) كان ذيل الحديث جزء من هذه الرواية ، وتصير رواية مستقلّة عمّا سبق ، فيؤخذ بما يستفاد من موردها الخاصّ من نكات وخصوصيّات ، وأمّا إذا كانت بالواو كما ادّعى العلاّمة شيخ الشريعة رحمهالله وجوده في النسخة المصحّحة من الكافي عنده ، فيحتمل أن تكون جزء منها ، كما يحتمل أن تكون من باب الجمع في الرواية ، فيشكل ترتيب آثار الإتّصال عليه.
ومنها : ما رواه عقبة بن خالد عن أبي عبدالله عليهالسلام : « قال قضى رسول الله صلىاللهعليهوآله بالشفعة بين الشركاء في الأرضين والمساكن وقال : لا ضرر ولا ضرار ، وقال : إذا ارّفت الأرف وحدّت الحدود فلا شفعة » (١).
فهذا الحديث أيضاً يمكن التمسّك به بعنوان رواية مستقلّة غير ما سبق ، إذا كان بمجموعه رواية واحدة كما هو الظاهر من وقوع القاعدة بين فقرتين كلتاهما وردتا في باب الشفعة (٢) ، فتكون حينئذٍ من قبيل الحكمة لجعل الشفعة ( لا العلّة لأنّ البيع بغير الشريك ضرريّ في بعض الموارد لا في تمامها ).
ومنها : مرسلة الصدوق قال : وقال النبي صلىاللهعليهوآله : « الإسلام يزيد ولا ينقص ، ( قال ) وقال صلىاللهعليهوآله : لا ضرر ولا ضرار في الإسلام ، فالإسلام يزيد المسلم خيراً ولا يزيد شرّاً ، ( قال )
__________________
(١) وسائل الشيعة : كتاب الشفعة ، الباب ٥ ، ح ١.
(٢) ومعنى الفقرة الثانية أنّ حقّ الشفعة ثابت في المشاع وقبل القسمة ، وأمّا بعدها فلا شفعة ، لأنّ قوله عليهالسلام « ارّفت الأرف » بمعنى أعلمت علامات القسمة.