فينظر أيّتهما أضرّت بصاحبتها ، فإن رأيت الأخيرة أضرّت بالاولى فلتعور » (١).
« حقائب البئر » أو « عقائبه » اعجازها.
وهذه الرواية تحكم على عموم « من أحيى أرضاً فهى له » كما لا يخفى.
وأمّا عدم جريان هذا الحكم بالنسبة إلى الاولى لو أضرّت بالثانية فإنّما هو لقاعدة الإقدام.
ثمّ لا يخفى أنّ المستفاد من هذه الرواية هو الحكم الوضعي ، وهو عدم استحقاق الثاني لبقاء ملكه على حاله.
وبهذا المضمون الرواية الثانية والثالثة الواردتان في نفس الباب ، والظاهر أنّ جميعها رواية واحدة.
ومنها : ما رواه محمّد بن الحسين قال : كتبت إلى أبي محمّد عليهالسلام : « رجل كانت له رحى على نهر قرية والقرية لرجل فأراد صاحب القرية أن يسوق إلى قريته الماء في غير هذا النهر ويعطّل هذه الرحى ، أله ذلك أم لا؟ فوقّع عليهالسلام : يتّقي الله ويعمل في ذلك بالمعروف ولا يضرّ أخاه المؤمن » (٢).
ويرد على الاستدلال بهذه الرواية على المطلوب بأنّ دلالتها عليه متوقّفة على أن يكون موردها ما إذا لم يكن لصاحب الرحى حقّ الانتفاع من النهر من قبل ( فيقال حينئذٍ أنّ مقتضى عموم : « الناس مسلّطون على أموالهم » جواز سوق الماء إلى نهر آخر ولكنّه يمنع لقاعدة لا ضرر ).
وأمّا مع وجود احتمال آخر في موردها وهو : أنّ صاحب الرحى كان له حقّ الانتفاع من قبل ، تصير الرواية مجملة لا تصلح للاستدلال بها لأنّ مقتضى الاحتمال الثاني أن يكون سوق الماء في نهر آخر مزاحماً لحقّ صاحب الرحى ، ومتعدّياً عليه ، وأن يكون منع الإمام عليهالسلام مستنداً إلى هذه الجهة.
__________________
الحقيقة ، والصحيح عقائب البئر كما أورده في الوافي ، والعقيب كلّ شيء أعقب شيئاً ، والمراد هنا النوبة بأن يمسك كلّ واحد منهما عن إجراء الماء ليلة هذا وليلة ذاك ، فإن أوجب سدّ مجرى إحداهما كثرة ماء الاخرى تبيّن اضرارها بها ، وأن قلّة الماء في إحداهما بسبب جريان ماء الاخرى.
(١) وسائل الشيعة : كتاب إحياء الموات ، الباب ١٦ ، ح ١.
(٢) المصدر السابق : الباب ١٥ ، ح ١.