والأولى أن يقال ، إنّه فقد كلّ ما نجده وننتفع به من مواهب الحياة من نفس أو مال أو عرض أو غير ذلك فلا ينحصر الأمر في ما ذكره ، إلاّ أن يكون ما ذكره من قبيل ذكر المثال.
وفي لسان العرب : الضَرّ والضُرّ لغتان ، كلّ ما كان من سوء حال أو فقر أو شدّة في بدن فهو ضُرّ وما كان ضدّاً للنفع فهو ضَرّ.
وفي كتاب العين ( للخليل بن أحمد ) : الضَرّ والضُرّ لغتان فإذا جمعت بين الضرّ والنفع فتحت الضاد ، وإذا افردت الضرّ ضمّمت الضاد إذا لم تجعله مصدراً ، هكذا يستعمله العرف ، والضرر النقصان يدخل في الشيء.
وفي مختار الصحاح : الضرّ ضدّ النفع والضُرّ بالضمّ الهزل وسوء الحال.
ونقل في المفردات عن الكلّيات : الضَرّ بالفتح شائع في كلّ ضرر وبالضمّ خاصّ بما في النفس كمرض وهزل.
وفي المقاييس : له ثلاثة اصول : الأوّل خلاف النفع ، والثاني اجتماع الشيء ، والثالث القوّة ، ثمّ قال : الضَرّة اسم مشتقّ من الضَرّ كأنّها تضرّ الاخرى كما تضرّها تلك ، ثمّ مثّل المعنى الثاني بضرّة الإبهام وهو اللحم المجتمع تحتها ، بضرّة الضرع : لحمته ، قال أبو عبيدة : الضرّة التي لا تخلو من اللبن ، وسمّيت بذلك لاجتماعها ، ومثّل المعنى الثالث بالضرير ، وهو قوّة النفس ، يقال : فلان ذو ضرير أي ذا صبر على الشيء وذا مقاصاة.
أقول : يمكن إرجاع المعنى الثاني والثالث إلى المعنى الأوّل لأنّ استعمال الضرّة مثلاً في « الضرّتان » يكون بلحاظ اضرار كلّ واحدة منهما بالاخرى ، ولازمه اجتماعهما على الاضرار ، ولأنّ الصبر على الشدائد ( في المعنى الثالث ) أيضاً يلازم الضرر غالباً.
وفي القاموس : أنّه ضدّ النفع وأنّه سوء الحال.
وفي المصباح : « ضرّه يضرّه من باب قتل ، إذا فعل به مكروهاً و ... قد اطلق على نقص يدخل الأعيان ».
وفي النهاية : « لا ضرَرَ ولا ضرار في الإسلام ... أي لا يضرّ الرجل أخاه فينقصه شيئاً من حقّه ».
والظاهر أنّ اختلاف أرباب اللغة في تعبيراتهم ليس لاختلافهم في معنى الكلمة بل من جهة وضوح المعنى ، وإنّ كلّ واحد منهم أشار إليه من ناحية ، بل يمكن أن يقال بعدم الحاجة