فقد يقال : إنّ الموصول استعمل في المعنى الثالث ، فيكون كلّ واحد من الموردين ( مورد الآية ومورد الرواية ) من مصاديق هذا المعنى الجامع فتكون دلالته على المراد تامّة.
لكن أورد عليه أوّلاً : بأنّ « إرادة الأعمّ منه ( من الإعلام بالحكم والتكليف ) ومن المورد ( مورد الآية ) يستلزم استعمال الموصول في معنيين ، إذ لا جامع بين تعلّق التكليف بنفس الحكم وبالفعل المحكوم عليه » (١).
وإن شئت قلت : « المفعول المطلق هو المصدر أو ما في معناه المأخوذ من نفس الفعل ، والمفعول به ما يقع عليه الفعل المباين معه ولا جامع بين الأمرين حتّى يصحّ الإسناد » (٢).
والجواب عنه : أنّ الموصول في الآية يكون مفعولاً به في كلتا الصورتين ، أي سواء اريد منه نفس التكليف أو اريد منه الأمر الخارجي الذي يقع عليه التكليف ، لأنّ المراد من التكليف في الصورة الاولى معناه اسم المصدري ، أي ما كلّف به ( لا المعنى المصدري ) ، فيكون المعنى : « لا يكلّف الله نفساً بتكليف كمعرفة صفات الله أو الإمام أو الأحكام كما ورد في سؤال الراوي في الرواية : « هل كلّف الناس بالمعرفة ».
فعلى أي تقدير يكون الموصول مفعولاً به ويصير المعنى : « لا يكلّف الله نفساً إلاّتكليفاً أو مالاً آتاها » فاستعمل الموصول في القدر الجامع بينهما ، وهو مطلق المعطى أعمّ من الامور المادّية كالمال أو المعنوية كالمعرفة ، ويكون هذا الجامع هو المفعول به ، كما أفاده المحقّق النائيني رحمهالله بما نصّه : « لكن الإنصاف أنّه يمكن أن يراد من الموصول الأعمّ من التكليف وموضوعه ، وإيتاء كلّ شيء إنّما يكون بحسبه ، فإنّ إيتاء التكليف إنّما يكون بالوصول والإعلام ، وإيتاء المال إنّما يكون بإعطاء الله تعالى وتمليكه ، وإيتاء الشيء فعلاً أو تركاً إنّما يكون بإقدار الله تعالى عليه فإنّ للإيتاء معنىً ينطبق على الاعطاء وعلى الاقدار ، ولا يلزم أن يكون المراد من الموصول الأعمّ من المفعول به والمفعول المطلق ، بل يراد منه خصوص المفعول به » (٣).
وثانياً : بما مرّ في آية البعث من المحقّق النائيني رحمهالله أيضاً من أنّ أقصى ما تدلّ عليه الآية هو
__________________
(١) أورده الشيخ الأعظم رحمهالله في رسائله.
(٢) تهذيب الاصول : ج ٢ ، ص ١٤٣ ، طبع جماعة المدرّسين.
(٣) فوائد الاصول : ج ٣ ، ص ٣٣٢ ، طبع جماعة المدرّسين.