وكيف كان : ففي هذه الصورة تارةً يوجب عدم تصرّف المالك ضرراً بنفسه أو فوت منفعة له ، كما إذا كان محلّ نصب المدفأة مثلاً في جنب جدار الجار ، ومتّصلاً بغرفة نومه ، بحيث يوجب الاضرار بالجار من جانب ، ولا يكون له مكان آخر للنصب من جانب آخر ، أو أراد أن يبني بناءً ذات طبقات عديدة بحيث يوجب عدمه الاضرار بالمالك ، لأنّ الاكتفاء بطبقة واحدة مع ارتفاع قيمة الأرض ( على الفرض ) يكون سبباً للضرر الكثير على مالكها ، بينما البناء المرتفع المتعدّد الطبقات يكون سبباً لضرر الجيران ، واخرى يكون تصرّف المالك تعمّداً للاضرار أو لغرض غير عقلائي.
ففي القسم الأوّل لا إشكال في عدم شمول القاعدة أو تساقطها ، فيبقى حينئذٍ قاعدة السلطنة بلا معارض ما دام لم يوجب إجراء هذه القاعدة التصرّف في ملك الغير ، وإلاّ فلا إشكال أيضاً في عدم جوازه ، كما في الحمّام الذي يوجب سراية النداوة إلى دار الغير أو تسويد داره بدخّانه.
وأمّا في القسم الثاني فتجري القاعدة بلا إشكال ، لأنّه هو مورد قضيّة سمرة وروايتي الجدار والبعير ، فلا يجوز للمالك التصدّي لهذه الامور اعتماداً على قاعدة السلطنة.
هذا آخر ما أردناه في بيان القاعدة وفروعاتها وتنبيهاتها ، وهناك تنبيهات اخرى ذكرناها في كتاب القواعد مستقلاً ، ولكن هنا أدغمناها في التنبيهات الاخر ، والحمد لله أوّلاً وآخراً وظاهراً وباطناً.
إلى هنا تمّ الكلام في شرائط جريان الاصول وما لحقت بها من قاعدة لا ضرر.