وافطر لرؤيته وإيّاك والشكّ والظنّ ... » (١).
ورواية إبراهيم بن عثمان الخزّاز عن أبي عبدالله عليهالسلام في حديث قال : « إنّ شهر رمضان فريضة من فرائض الله فلا تؤدّوا بالتظنّي » (٢).
فلا يخفى أنّ الملحوظ في هذه الروايات كون صيام رمضان بالرؤية والمشاهدة وأنّ الظنّ لا يكفي فيه ، ولا نظر لها إلى اليقين بشهر شعبان حتّى يتوهّم أنّها في مقام بيان الاستصحاب.
ويمكن الاستشهاد أيضاً بقوله تعالى : ( فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمْ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ ) بناءً على أن يكون المراد من الشهود مشاهدة الهلال.
ولكنّه يندفع بذيل الآية الواردة في حقّ المسافر وكذلك بالروايات الواردة في تفسيرها ، فإنّها تدلّ على أنّ الشهود بمعنى الحضور في الوطن في مقابل السفر.
ومنها : تفريع الإمام عليهالسلام قوله « اليقين لا يدخل فيه الشكّ » بقوله : « صم للرؤية وافطر للرؤية » ، حيث إنّه لو كان المراد منه الاستصحاب لكان المناسب أن يقول : فلا تصم عند الشكّ في رمضان ولا تفطر عند الشكّ في شوّال » فإنّ تعبيره بالرؤية شاهد على أنّ المراد هو قاعدة اليقين المختصّة بباب الصيام.
ومنها : أنّه لو كان المراد الاستصحاب للزم أن يكون اليقين بمعنى المتيقّن ، وهو خلاف الظاهر.
أقول : يمكن الجواب عن جميع هذا بما ملخّصه : أنّه لا تضادّ بين المعنيين بل إنّهما متلازمان ، لأنّ لازم حجّية الاستصحاب اعتبار القطع واليقين في وجوب الصيام ووجوب الإفطار ، فالعدول من أحد التعبيرين إلى الآخر ممّا لا إشكال فيه.
توضيح ذلك : أمّا المؤيّد الأوّل ففيه أنّ الدخول والنقض متلازمان لأنّ النقض بمعنى عقد البناء أو عقد الحبل ، ولازم نقض البناء مثلاً دخول الماء ونفوذه فيه.
وأمّا المؤيّد الثاني فمقتضى الجمع بين هذه الروايات والروايات الواردة في الباب الثالث عشر حصول الاطمئنان أيضاً بأنّ هذه الروايات تكون في مقام بيان لازم الاستصحاب ونتيجته ، وهكذا بالنسبة إلى المؤيّد الثالث.
__________________
(١) وسائل الشيعة : الباب ٣ ، من أبواب أحكام شهر رمضان ، ح ١١.
(٢) المصدر السابق : ح ١٦.