وأمّا المؤيّد الرابع فجوابه أنّ اليقين في الغالب طريق إلى المتيقّن ، فيكون ناظراً غالباً إلى المتيقّن كما هو كذلك في الروايات الثلاثة لزرارة التي لا إشكال في دلالتها على الاستصحاب.
فظهر أنّ الأرجح في النظر بالنسبة إلى هذا الحديث إنّما هو كلام الشيخ رحمهالله وهو دلالته على الاستصحاب.
٦ ـ ما رواه عمّار عن أبي عبدالله عليهالسلام قال : « كلّ شيء نظيف حتّى تعلم أنّه قذر فإذا علمت فقد قذر وما لم تعلم فليس عليك » (١).
ونظيره ما رواه حمّاد بن عثمان عن أبي عبدالله عليهالسلام قال : « الماء كلّه طاهر حتّى يعلم أنّه قذر » (٢).
وكذلك ما رواه معاوية بن عمّار عن رجل من أصحابنا قال : « كنت عند أبي جعفر عليهالسلام فسأله رجل عن الجبن فقال أبو جعفر عليهالسلام : أنّه طعام يعجبني وساخبرك عن الجبن وغيره ، كلّ شيء فيه الحلال والحرام فهو لك حلال حتّى تعرف الحرام فتدعه بعينه » (٣).
وغيره من روايات الباب ( الباب ٦١ ، من أبواب الأطعمة المباحة ) وعلى هذا فالروايات المتظافرة بهذا المضمون ، وهو يغنينا عن البحث في إسنادها.
وأمّا الدلالة : فالأقوال فيها خمسة لابدّ لتوضيحها من بيان مقدّمة ، وهى أنّ هنا نوعين من الطهارة أو الحلّية : أحدهما الطهارة أو الحلّية الواقعية ، والثاني الطهارة أو الحلّية الظاهريّة ، والظاهريّة بنفسها أيضاً على قسمين : الطهارة أو الحلّية المستفادة من قاعدة الطهارة أو قاعدة الحلّية التي لا تلاحظ فيها الحالة السابقة ، والطهارة أو الحلّية المستفادة من قاعدة الاستصحاب الملحوظة فيها الحالة السابقة.
والبحث في ما نحن فيه في أنّه هل هذه الطهارة أو الحلّية واقعيّة أو ظاهريّة؟ وعلى فرض كونها ظاهريّة هل هى من باب تطبيق قاعدة الطهارة أو الحلّية ، أو من باب تطبيق قاعدة الاستصحاب.
__________________
(١) وسائل الشيعة : الباب ٣٧ ، من أبواب النجاسات ، ح ٤.
(٢) المصدر السابق : ح ٥.
(٣) المصدر السابق : ح ٧.