الحرام الذي لا فرق بينه وبين عرق الجنب عن الحلال عند العرف ( بناءً على ما ذكره المشهور من نجاسة الكافر ، وما ذهب إليه جمع من الأصحاب من نجاسة عرق الجنب من الحرام ) ، وربّ شيء طاهر شرعاً ولكنّه قذر عرفاً ، كالمسلم غير النظيف وغسالة الإستنجاء.
وأمّا ما ذكر من اللازم فإنّا نلتزم به ولا ضير فيه ، فلا إشكال في إمكان خلوّ الواقع عن كلّ واحد من الطهارة والنجاسة.
وأمّا إرتكاز المتشرّعة فهو مختصّ بالوقوع الخارجي ومقام الإثبات لا بالإمكان ومقام الثبوت.
واستدلّوا ثانياً : بأنّ الحديث ناظر إلى الحكم الظاهري ، وإنّ نظره إلى الحكم الواقعي يستلزم منه الجمع بين اللحاظين في آنٍ واحد.
توضيح ذلك : أنّ كلمة « شيء » الواردة في الحديث لو كان المراد منه الشيء الواقعي فيكون هو الشيء بعنوانه الأوّلي ، أي الشجر مثلاً بما هو شجر ، والفاكهة بما هى فاكهة ، ولو كان المراد منه الحكم الظاهري فيكون المراد منه الشيء بما هو مشكوك ، ولا يخفى أنّ الحكم الظاهري متأخّر عن الحكم الواقعي برتبتين ، فإنّ الحكم الواقعي متأخّر عن موضوعه برتبة ، والشكّ فيه موضوع للحكم الظاهري ، فيكون الحكم الظاهري متأخّراً عن الحكم الواقعي برتبة اخرى ، ومع هذا لا يمكن كون لفظ واحد فانياً في المعنيين في آنٍ واحد.
وهكذا بالنسبة إلى كلمة « نظيف » ( أو طاهر ) فلا يمكن أن يريد منه النظافة الواقعيّة والظاهريّة معاً بنفس البيان.
وكذلك بالنسبة إلى قوله عليهالسلام : « حتّى تعلم » لأنّه إذا كان المراد من الطهارة الطهارة الواقعية كان العلم فيها مأخوذاً بعنوان الطريق إلى الواقع ، لأنّه لا يمكن أن تكون الطهارة الواقعية مغيّاة بالعلم بالنجاسة ، بل إنّها مغيّاة بالنجاسة الواقعيّة.
وإن كان المراد منها الطهارة الظاهرية كان العلم فيها مأخوذاً بعنوان الموضوع ، لأنّ العلم يرتفع به موضوع الطهارة الظاهرية وهو الشكّ.
ولا إشكال في أنّ اللحاظ في العلم الطريقي آلي ، وفي الموضوعي استقلالي ، والجمع بينهما محال ، وحينئذٍ نقول : لا كلام في كون الطهارة الظاهرية مرادة قطعاً ، فيستحيل أن تكون الطهارة الواقعيّة أيضاً مرادة.