ثمّ أشكل على نفسه بامور :
١ ـ إنّ استصحاب عدم جعل الحرمة ( مثلاً ) معارض باستصحاب عدم جعل الحلّية.
فأجاب عنه أوّلاً : بأنّه لا مجال لإستصحاب عدم جعل الحلّية لأنّ الرخصة كانت متحقّقة في صدر الإسلام لتشريع الأحكام تدريجاً.
وثانياً : بأنّ التعارض فرع لزوم المخالفة العمليّة القطعيّة ، وهنا ليس كذلك كما لا يخفى.
وثالثاً : بأنّه لو تنزّلنا عن جميع ذلك فنقول : يقع التعارض بين هذه الاستصحابات الثلاث لأنّها في مرتبة واحدة.
٢ ـ إنّ استصحاب عدم جعل الحرمة حاكمة على استصحاب بقاء الحرمة السابقة لأنّ الأوّل سببي والآخر مسبّبي.
وأجاب عنه : بأنّه يعتبر في حكومة الأصل السببي على الأصل المسبّبي أن يكون التسبّب بينهما شرعيّاً ، وهنا ليس كذلك ، وبعبارة اخرى : الملاك كون المشكوك في أحدهما أثراً مجعولاً شرعيّاً للآخر ، مع أنّ سببيّة الجعل للمجعول عقلي ، وليست من الأحكام الشرعيّة.
٣ ـ إنّ استصحاب عدم الجعل مثبت في المقام لأنّ الحلّية من اللوازم العقليّة لعدم جعل الحرمة.
وأجاب عنه : بأنّ الأصل المثبت إنّما هو في امور لم يكن أمر وضعه ورفعه بيد الشارع ، أمّا لو كان وضعه ورفعه كذلك فالأصل المثبت لا إشكال فيه ، لأنّه إذا رفعه الشارع واقعاً ترتّب عليه جميع آثاره العقليّة والشرعيّة ( انتهى ما إستفدناه من أبحاثه ومحاضراته قدّس الله سرّه الشريف ).
٤ ـ ما ورد في بعض تقريراته عن استاذه المحقّق النائيني رحمهالله وهو : « إنّ استصحاب عدم الجعل غير جارٍ في نفسه لعدم ترتّب الأثر العملي عليه لأنّ الجعل عبارة عن إنشاء الحكم والإنشائية لا تترتّب عليها الآثار الشرعيّة ، بل ولا الآثار العقليّة من وجوب الإطاعة وحرمة المعصية مع العلم بها ، فصحّ عن التعبّد بها بالاستصحاب فإنّه إذا علمنا بأنّ الشارع جعل وجوب الزكاة على مالك النصاب لا يترتّب على هذا الجعل أثر ما لم تتحقّق ملكية في