الخارج ، وعليه فلا يترتّب الأثر العملي على استصحاب عدم الجعل فلا مجال لجريانه » (١).
أقول : والجواب عنه ظاهر ( والعجب كيف خفى هذا على مثل هذا المحقّق النحرير قدّس الله سرّه ) لأنّ ترتّب آثار الحكم كالبعث والزجر والطاعة والمعصية يتوقّف على كلّ من الجعل والمجعول ، أي كلّ واحد من مقام الإنشاء ومقام الفعلية ، وبعبارة اخرى : يتوقّف على الجعل وتحقّق الموضوع معاً ، فيكفي في عدمها إنتفاء أحدهما ، فلو استصحبنا عدم أحدهما وهو الجعل مثلاً ( كما هو المفروض في المقام ) كفى في إثبات عدم وجوب الطاعة ، وكما أنّ استصحاب بقاء الجعل يجري ( ولو قبل تحقّق الموضوع ) لإثبات فعلية التكليف عند وجود الموضوع ، كذلك استصحاب عدم الجعل يجري ( ولو قبل تحقّق الموضوع ) لإثبات عدم فعليته عند وجود الموضوع.
هذا بالنسبة إلى ما نقله عن استاذه المحقّق النائيني رحمهالله ، وفي كلامه أيضاً مواقع للنظر :
١ ـ ( بالنسبة إلى ما ذكره من أنّ تعارض استصحاب عدم جعل الحرمة مع استصحاب عدم جعل الحلّية لا يوجب سقوطهما عن الحجّية لعدم لزوم المخالفة القطعيّة العمليّة ) أنّه قد تلزم المخالفة القطعيّة العمليّة ، وهو في مثل استصحاب عدم جعل نجاسة الماء المتغيّر الذي زال عنه التغيّر بنفسه إذا كان الماء منحصراً فيه ولا يكون له ماء آخر ، فإنّ استصحاب عدم جعل النجاسة فيه معارض مع استصحاب عدم جعل الطهارة ، ويلزم من جريانهما المخالفة القطعيّة العمليّة ، لأنّه لو كان طاهراً يجب التوضّي به ، ولو كان نجساً يحرم شربه ، فيلزم من إجراء الأصلين جواز الشرب وعدم وجوب التوضّي منه.
٢ ـ ( بالنسبة إلى قوله أنّ الطهارة عبارة عن عدم النجاسة فتكون أمراً عدميّاً لا يقبل الجعل حتّى يمكن استصحاب عدمه ) يرد عليه ما مرّ من أنّ الطهارة والنجاسة أمران وجوديّان ، ولكلّ منهما أحكام وآثار شرعية ، ولذلك يجب طهارة ماء الوضوء والماء الذي يريد المكلّف أن يتطهّر به عن الخبث ، وإلاّ لا يكون مطهّراً عن الحدث والخبث.
٣ ـ ( بالنسبة إلى قوله : إنّ في صورة التعارض يسقط جميع الاستصحابات الثلاثة ) أنّ الاستصحاب الحكمي مقدّم على استصحاب عدم الجعل ( عكس ما قد يقال من أنّ
__________________
(١) نقله منه في مصباح الاصول : ج ٣ ، ص ٤٥.