ودار الأمر بين المعنيين المجازيين ، فيتعيّن الأوّل منهما الأقرب ، فيختصّ اليقين حينئذٍ بما كان متعلّقه أمراً ثابتاً مستحكماً فيه اقتضاء الاستمرار كالزوجيّة والملكيّة والعدالة ونحوها ممّا يحتاج رفعه إلى وجود رافع ومزيل دون ما ليس فيه اقتضاء الثبوت والاستمرار بل يرتفع بنفسه.
إن قلت : هذا يستلزم التصرّف في معنى اليقين وإرادة المتيقّن منه ، وهو خلاف الظاهر.
قلنا : لابدّ من هذا التصرّف على أي حال ، لأنّ اليقين بما هو يقين لا يتعلّق به النقض الاختياري ، ولا يتصوّر بالنسبة إليه النقض أو عدم النقض ، وبعبارة اخرى : التعبير بالنقض قرينة على أنّ المراد من اليقين إنّما هو المتيقّن.
وأمّا الأمر الثالث : فقد أورد ( أو يرد ) على كلامه إشكالات أربع :
الأوّل : ( وهو العمدة ) أنّه لا بأس بأن تكون صفة النقض بلحاظ وصف اليقين لا المتيقّن ، أي يكون متعلّق النقض اليقين نفسه ، وهذا لا ينافي كونه من الأفعال الاختياريّة التي تتعلّق بما يكون فعلاً اختيارياً ، لأنّ النهي عن عدم نقض اليقين كناية عن العمل على طبقه والإجراء على وفقه عملاً ، وحينئذٍ نقول : أنّ وصف اليقين أمر مبرم ومستحكم سواء كان متيقّنه أيضاً كذلك أو لم يكن.
إن قلت : لا معنى لنقض اليقين بأي معنى كان في مورد الاستصحاب ، لأنّ المفروض إنّ زمان اليقين قد مضى ، والموجود الآن هو الشكّ.
قلنا : المفروض في مورد الاستصحاب أيضاً أنّ الشارع غضّ نظره عن زمان متعلّق اليقين والشكّ وعن تغاير المتعلّقين من ناحية الزمان ، فلاحظهما معاً ، ثمّ نهى عن نقض أحدهما بالآخر ، فيكون النقض حاصلاً.
الثاني : أنّ تفصيله مبنى على شمول جميع روايات الاستصحاب على التعبير بـ « لا تنقض » مع أنّه لم يرد في رواية الخصال ، حيث إنّ الوارد في صدرها « فليمض على يقينه » ، وهكذا حديث علي بن محمّد القاساني الذي عبّر بـ « اليقين لا يدخل فيه الشكّ صم للرؤية وافطر للرؤية » ولا إشكال في أنّ تعبيري المضيّ والدخول عامان لا يختصّان بخصوص موارد الشكّ في الرافع.
نعم ، يمكن أن يقال بالنسبة إلى الرواية الاولى ( كما قال به الشيخ الأعظم رحمهالله نفسه ) أنّ