الاستطاعة لوجوب الحجّ ، ومانعية الحيض لوجوب الصّلاة ، والقسم الثاني ما يكون سبباً أو شرطاً أو مانعاً بالإضافة إلى المكلّف به ، كشرطيّة الوضوء للصلاة ، ومانعيّة لبس ما لا يؤكل لحمه عن الصّلاة.
أمّا القسم الأوّل فقد يقال : إنّها من الامور التكوينيّة ، ولا تقبل الجعل والاعتبار مطلقاً كما يستفاد من بعض كلمات الشيخ الأعظم ( وقد عرفته آنفاً ) والمحقّق الخراساني رحمهالله ، وتبعهما جماعة آخرون ، وقال بعض أنّها منتزعة من الحكم التكليفي ، كما أنّ مقتضى اطلاق كلام جماعة كونها مستقلّة في الجعل.
ولكن الظاهر وقوع خلط بين التكوينية من هذه الامور والتشريعيّة منها ، أي بين السببيّة التكوينيّة مثلاً والسببيّة التشريعيّة ( وهذا أيضاً من موارد الخلط بين المسائل الفلسفية والمسائل الاصوليّة التي غلب عليها هذا الخلط في شتّى مسائلها ، وأوجب الانحراف فيها ) فإنّ لنا سببيّة أو شرطيّة في عالم التكوين ، وهى ما يكون موجوداً في الدلوك مثلاً من المصلحة التكوينية التي تقتضي إيجاب الصّلاة تكويناً ( بل هى لا تكون سبباً حقيقة ، بل إنّها من قبيل الداعي للجعل ) ، وسببيّة أو شرطيّة شرعيّة ترجع في الواقع إلى قيود الموضوع كالإستطاعة التي تكون قيداً من قيود موضوع وجوب الحجّ ( كما أنّ مانعية شيء ترجع إلى أنّ عدمه قيد للموضوع كمانعيّة الحيض ، فإنّ معناها أنّ عدم الحيض قيد لموضوع وجوب الصّلاة ) سواء قلنا بأنّ الأحكام تابعة للمصالح والمفاسد ، أو لم نقل بذلك كالأشاعرة.
فالسببيّة الشرعيّة وكذلك الشرطيّة والمانعيّة الشرعيتان امور منتزعة من جعل وجود شيء أو عدمه قيداً لموضوع التكليف ، ولا تناله يد الجعل مستقلاً ، فإذا أخذ المولى قيداً في موضوع الحكم كفى في انتزاع شرطيّته له ، ولا حاجة إلى أمر أكثر من ذلك ، كما هو واضح.
هذا في السببيّة أو الشرطيّة أو المانعيّة للتكليف.
وكذلك بالنسبة إلى المكلّف به ، فإنّها ترجع فيه أيضاً إلى قيود المأمور به ، فإن كان وجود شيء أو عدمه قيداً للمأمور به ، كما في الوضوء بالنسبة إلى الصّلاة ، تنتزع هذه الامور وإلاّ فلا ، من دون حاجة إلى أمر وراء ذلك.
هذا كلّه بالنسبة إلى السببيّة والشرطيّة والمانعيّة.
٢ ـ ومنها الصحّة والفساد في العبادات أو المعاملات ، والأقوال فيهما أربعة :