١ ـ كفاية استصحاب الفرد عن استصحاب الكلّي ، واستدلّ لها باتّحاد الكلّي مع فرده ، فيكفي استصحاب الفرد لترتّب جميع آثار الكلّي ، وهذا ما ذهب إليه أكثر المحقّقين ، وهو المختار.
٢ ـ عدم الكفاية ، من باب اختلاف الحيثيتين : حيثية الحدث مثلاً وحيثية خصوص الجنابة ، فإنّهما عنوانان ، لكلّ واحد منهما آثار غير آثار الآخر.
٣ ـ التفصيل بين الفرد الساري وصرف الوجود ، والمراد من الفرد الساري هو الأفراد الداخلة تحت العموم الاستغراقي ، فإنّ حكم الجنابة عام سارٍ في جميع أفرادها ، فيغنينا استصحاب الفرد عن استصحاب الكلّي ، بخلاف صرف الوجود ، كما في الاستطاعة للحجّ والنصاب في الزكاة ، فإنّ صرف وجود الاستطاعة يكفي لوجوب الحجّ ، كما أنّ صرف وجود النصاب يكفي لوجوب الزكاة ، فلا يغني حينئذٍ استصحاب الفرد عن استصحاب الكلّي.
٤ ـ التفصيل بين الاستصحاب في الشبهة الحكميّة والاستصحاب في الشبهة الموضوعيّة ، فيغني استصحاب الفرد عن استصحاب الكلّي في الاولى دون الثانية ، لأنّ الشارع في مورد الاولى يجعل حكماً مماثلاً للواقع ، ففي مورد استصحاب وجوب صلاة الجمعة مثلاً يجعل وجوباً ظاهرياً مماثلاً لوجوبها الواقعي ، بخلافه في الثانية ، حيث إنّ المستصحب فيها هو الموضوع لا الحكم.
إذا عرفت هذا فنقول : الصحيح من هذه الوجوه إنّما هو القول الأوّل كما أشرنا ، فلا ثمرة لإستصحاب الكلّي في هذا القسم لأنّ الكلّي لا يكون مفترقاً عن فرده ، لما ثبت في محلّه أنّ الحقّ اتّحاد الكلّي الطبيعي مع افراده ، وأنّ وجود الطبيعي عين وجود افراده ، وحينئذٍ آثار الكلّي تترتّب أيضاً على فرده ، فمن تيقّن بالجنابة ثمّ شكّ في الطهارة عنها يستصحب بقاء الجنابة ويرتّب عليها عدم المكث في المسجد ، الذي هو من آثار فرد الجنابة وعدم صحّة صلاته الذي هو من آثار مطلق الحدث ، ولا حاجة إلى استصحاب كلّي الحدث.
أمّا القول الثاني : ( وهو عدم كفاية استصحاب الفرد عن استصحاب الكلّي ) فاستدلّ له المحقّق الأصفهاني رحمهالله في تعليقته بما حاصله : أنّ مقتضى الدقّة أنّ التعبّد بالشيء لا معنى له إلاّ التعبّد بأثره ، ولا يعقل التعبّد بشيء والتعبّد بأثر غيره (١).
__________________
(١) نهاية الدراية : ج ٥ ـ ٦ ، ص ١٣٦ ، طبع مؤسسة آل البيت.