والجواب عنه أوّلاً : أنّ تعدّد الكلّي والفرد إنّما هو في الحيثية ، ولا إشكال في أنّ التعدّد الحيثي أمر ذهني يحصل بالتحليل العقلي لا في الخارج لأنّ الحقّ أنّ وجود الطبيعي في الخارج عين وجود افراده كما مرّ.
وثانياً : سلّمنا كونهما متعدّداً في الخارج بالدقّة العقليّة ولكنّهما واحد بنظر العرف فإنّ العرف يرى وحدة بين حيثية الحدث وحيثية الجنابة ، ولا إشكال في أنّ المعتبر في الاستصحاب إنّما هو الوحدة العرفيّة.
والعجب من المحقّق الخراساني رحمهالله حيث إنّه أفاد في تعليقته على الرسائل عكس ما أفاد هنا ، حيث قال هناك : « إنّ الكلّي والفرد بالنظر العرفي إثنان ، يكون بهذا النظر بينهما التوقّف والعلّية دون الاتّحاد والعينية ، فلا يكون التعبّد بالفرد عرفاً تعبّداً بالكلّي بهذا النظر وهو المعتبر في هذا الباب » (١).
فإنّه قد مرّ أنّ المسألة على العكس ، أي أنّ حيثية الكلّي وإن كانت غير حيثيّة الفرد بالدقّة العقليّة ولكنّهما عند العرف واحد.
وأمّا القول الثالث : ( وهو التفصيل بين الوجود الساري وصرف الوجود ) فاستدلّ له بأن المستصحب الكلّي إذا كان وجوده سارياً في افراده ككلّي الحدث في ما إذا قيل : إن كنت محدثاً فلا تصلّ ( حيث إنّ الحكم بعدم جواز الصّلاة تعلّق بكلّي الحدث ومنه سرى إلى أفراده ) فإنّه يكون حينئذٍ من قبيل القضيّة الحقيقيّة ، وقد ثبت في محلّه « أنّ الحكم في المحصورة أيضاً جرى على الطبيعة بحيث قد سرى افرادها إذ لو على أفرادها لم يمكن إذ ليس إنتهت أعدادها » (٢) ومعناه أنّ الكلّي متّحد مع فرده فاستصحاب فرده مغنٍ عن استصحاب نفسه ، وأمّا إذا كان من قبيل صرف الوجود كمقدار النصاب في الزكاة أي عشرين مثقالاً مثلاً ( حيث إنّ الزكاة تجب بمجرّد تحقّق صرف الوجود من هذا المقدار ) فلا يكون حينئذٍ ناظراً إلى خصوصيّات الأفراد ، أي يكون لا بشرط بالنسبة إلى الأكثر من صرف الوجود ، فلا يغني استصحاب الفرد عن استصحاب الكلّي.
والجواب عنه أيضاً : اتّضح ممّا مرّ من أنّ وجود الكلّي عين وجود فرده عقلاً وعرفاً ،
__________________
(١) نقله عنه المحقّق الأصفهاني رحمهالله في نهاية الدراية : ج ٥ ـ ٦ ، ص ١٣٧ ، طبع مؤسسة آل البيت.
(٢) المنظومة للسبزواري.