والتعدّد بينهما إنّما هو في الوجود الذهني والتحليل العقلي ، سواء كان الكلّي من قبيل الوجود الساري أو صرف الوجود.
وأمّا القول الرابع : ( وهو التفصيل بين الشبهة الحكميّة والشبهة الموضوعيّة ) فاستدلّ له بأنّ المختار في الشبهة الحكميّة هو جعل الحكم الممثال ، ولا إشكال في أنّ الحكم المجعول كالوجوب مصداق للفرد ولكلّي الطلب معاً ، فيغني استصحاب الوجوب عن استصحاب كلّي الطلب ، بخلاف الشبهة الموضوعيّة كالجنابة ، حيث إنّ حيثية الجنابة غير حيثية الحدث.
والجواب أيضاً اتّضح ممّا مرّ من أنّ تعدّد الحيثيتين إنّما هو في الذهن لا في الخارج.
أمّا القسم الثاني : فقد مرّ مثاله الشرعي والعرفي ، ومن أمثلته الشرعيّة ما إذا علم إجمالاً بحدوث البول أو المني ولم يعلم الحالة السابقة ، ثمّ توضّأ ولم يغتسل ، فإن كان الحدث من البول فقد زال ، وإن كان من المني فهو باقٍ ، فيستصحب كلّي الحدث المشترك بين البول والمني ويترتّب عليه الأثر المشترك كحرمة مسّ المصحف وعدم جواز الدخول في الصّلاة ونحوهما ممّا يشترط بالطهارة ، فيجب عليه حينئذٍ الغسل مضافاً إلى الوضوء.
هذا إذا كان مسبوقاً بالطهارة ، وأمّا لو كان مسبوقاً بالحدث الأصغر فلا يجب عليه أزيد من الوضوء لأنّه لا يعلم أنّ خروج البلل المشتبه هل أوجب له تكليفاً جديداً ، أو لا؟ فيجوز له استصحاب عدم الجنابة ، وأمّا استصحاب عدم الحدث الأصغر فهو غير جارٍ ، لأنّ المفروض وجوده ، فيجب عليه حينئذٍ الوضوء فقط.
وكيف كان فقد ذهب أكثر المحقّقين إلى حجّية هذا القسم لكن في خصوص ما إذا لم يكن أثر الكلّي مبايناً مع أثر الفرد والخصوصيّات الفردية ، كما إذا علمنا إجمالاً بنجاسة الثوب ولم نعلم أنه دم أو بول ، حيث إنّ أثر النجاسة بالدم وجوب الغسل مرّه وأثر النجاسة بالبول وجوب الغسل مرّتين فيجري استصحاب بقاء النجاسة بعد الغسل مرّة ويجب الغسل مرّة اخرى.
وأمّا إذا كان أثر الكلّي مبايناً مع أثر الفرد كما في المثال المشهور المذكور آنفاً ( مثال البول والمني حيث إنّ أثر البول وجوب الوضوء وأثر المني وجوب الغسل وهما أثران متباينان ) وكما