عن الطرفين ، وقد لاقت اليد كليهما ، فلا محيص عن القول بنجاسة اليد بعد إصابة الطرف الطاهر ، وهذا من العجائب ، فلابدّ من رفع اليد عن جواز استصحاب الطهارة هنا الذي هو من قبيل استصحاب القسم الثاني من الكلّي.
وقد وقع الأعلام في حيص وبيص في حلّ هذه المشكلة.
فأجاب المحقّق النائيني رحمهالله في الدورة الاولى من خارج الاصول بجواب ، وفي الدورة الثانية بجواب آخر.
أمّا الجواب الأوّل : فهو « إنّ الاستصحاب الجاري في مثل العباءة ليس من استصحاب الكلّي في شيء لأنّ استصحاب الكلّي إنّما هو فيما إذا كان الكلّي المتيقّن مردّداً بين فرد من الصنف الطويل وفرد من الصنف القصير ، كالحيوان المردّد بين البق والفيل على ما هو المعروف ، بخلاف المقام فإنّ الشكّ فيه في خصوصيّة محلّ النجس مع العلم بخصوصيّة الفرد ، والشكّ في خصوصيّة المكان أو الزمان لا يوجب كلّية المتيقّن ، فليس الشكّ حينئذٍ في بقاء الكلّي وارتفاعه حتّى يجري الاستصحاب فيه ، كما إذا علمنا بوجود زيد في الدار فانهدم الطرف الشرقي منها ، فلو كان زيد فيه فقد مات بانهدامه ، ولو كان في الطرف الغربي فهو حي ، فحياة زيد وإن كانت مشكوكاً فيها إلاّ أنّه لا مجال معه لاستصحاب الكلّي » (١).
وأورد عليه مقرّره المحقّق : بأنّ الإشكال ليس في تسمية الاستصحاب الجاري في مسألة العباءة باستصحاب الكلّي ، بل الإشكال إنّما هو في أنّ جريان استصحاب النجاسة لا يجتمع مع القول بطهارة الملاقي لأحد أطراف الشبهة ، سواء كان الاستصحاب من قبيل استصحاب الكلّي أو الجزئي » (٢).
ولكن يمكن الدفاع عن المحقّق النائيني رحمهالله بأنّ مقصود المحقّق إنّما هو إثبات سلامة استصحاب القسم الثاني من الكلّي من الإشكال وهو حاصل بجوابه.
نعم ، يمكن الإيراد عليه بأنّ قياس ما نحن فيه بمثال وجود زيد في الدار مع الفارق ، لأنّ البحث في ما نحن فيه ليس في خصوصيّة المكان وأنّ النجاسة هل وقعت في الطرف الأيمن أو الطرف الأيسر؟ بل الكلام في تنجّس العباءة ( فإنّها تتنجّس بالملاقاة ) وإنّ نجاستها هل هى
__________________
(١) نقل عنه في مصباح الاصول : ج ٣ ، ص ١١٠ ، طبع مطبعة النجف.
(٢) مصباح الاصول : ج ٣ ، ص ١١١ ، طبع مطبعة النجف.