باقية ضمن فردها الأيمن أو الأيسر أو لا؟ نظير ما إذا علمنا بنجاسة كلّي الإناء ولا نعلم بوجوده ضمن الإناء الأيمن أو الإناء الأيسر ، فالاستصحاب من قبيل القسم الثاني من الكلّي على مبنى القوم ، وبعبارة اخرى : العباءة ليست ظرفاً للنجاسة ، بخلاف مثال زيد في طرفي الدار ، بل العباءة تتنجّس بنفسها ثمّ نشكّ في ارتفاع نجاستها.
وأما الجواب الثاني : فهو « إنّ الاستصحاب المدّعى في المقام لا يمكن جريانه في مفاد كان الناقصة بأن يشار إلى طرف معيّن من العباءة ويقال : إنّ هذا الطرف كان نجساً وشكّ في بقائها فالإستصحاب يقتضي نجاسته ، وذلك لأنّ أحد طرفي العباءة مقطوع الطهارة والطرف الآخر مشكوك النجاسة من أوّل الأمر ، وليس لنا يقين بنجاسة طرف معيّن يشكّ في بقائها ليجري الاستصحاب فيها ، نعم يمكن اجراؤه في مفاد كان التامّة بأن يقال : أنّ النجاسة في العباءة كانت موجودة وشكّ في إرتفاعها فالآن كما كانت ، إلاّ أنّه لا تترتّب نجاسة الملاقي على هذا الاستصحاب إلاّعلى القول بالأصل المثبت » (١).
وقد ذكر له بعض الأعاظم رحمهالله مثالاً آخر وهو « أنّه لو وجب عليه إكرام عالم وكان في البيت شخصان يعلم كون أحدهما عالماً فخرج أحدهما من البيت وبقي الآخر يجري استصحاب بقاء العالم في البيت ويترتّب عليه أثره لو كان له ، لكن لا يثبت كون الشخص الموجود عالماً يكون إكرامه عملاً بالتكليف » (٢).
ولكن يرد عليه : أنّ هذا ليس من الأصل المثبت بل هو من قبيل ضمّ الوجدان إلى الأصل ، لأنّ ملاقاة اليد مثلاً بالعباءة متيقّن بالوجدان ، ونجاسة العباءة معلومة بالتعبّد فتثبت نجاسة الملاقي ، وهذا نظير ما إذا تنجّس خصوص أحد طرفي العباءة ولم نعلم بطهارته بعد ذلك ولاقاه شيء فلا إشكال في نجاسة الملاقي حينئذٍ.
وإن شئت قلت : من الآثار الشرعيّة للشيء النجس نجاسة ملاقيه وبعد إثبات نجاسة العباءة في ما نحن فيه بإستصحاب كلّي النجاسة تترتّب عليها نجاسة ملاقيه وهو اليد.
وأمّا قياسه بمثال العالم الموجود في الدار في كلمات بعض الأعاظم قياس مع الفارق فإن تنظير المقام به إنّما يتمّ فيما إذا قلنا بنجاسة اليد بمجرّد ملاقاتها بالطرف الأوّل ، أي قلنا بنجاسة
__________________
(١) نقل عنه في مصباح الاصول : ج ٣ ، ص ١١١ ، طبع مطبعة النجف.
(٢) رسائل الإمام الخميني قدسسره : ج ١ ، ص ١٣٠.