واحد ، أي وجوب الوضوء مختصّ بغير الجنب بمقتضى المقابلة لأنّ التقسيم قاطع للشركة ، فالمكلّف بالوضوء هو كلّ محدث لا يكون جنباً ، أي موضوع وجوب الوضوء مركّب من أمرين : كون المكلّف محدثاً وعدم كونه جنباً ، وهذا حاصل في المثال ، لأنّ هذا الذي قام من نومه ويحتمل كونه جنباً حين النوم تجري في حقّه أصالة عدم تحقّق الجنابة ، فكونه محدثاً محرز بالوجدان ، وكونه غير جنب محرز بالتعبّد الشرعي فيدخل تحت قوله تعالى : ( فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ ... ) فيكون الوضوء في حقّه رافعاً للحدث ، ولا مجال حينئذٍ لوجوب الغسل لمكان التنافي والتضادّ ، ولا مجال لجريان استصحاب بقاء كلّي الحدث لكونه محكوماً بالأصل الموضوعي وهو عدم كونه جنباً » (١).
ولكن يرد عليه :
أوّلاً : أنّ الاستصحاب ناظر إلى الحكم الظاهري مع أنّ المستفاد من الآية حكمان واقعيان ، والتنافي بين الحكمين الواقعيين لا يستلزم التنافي بينهما في الحكم الظاهري.
ثانياً : أنّ هذا الجواب يختصّ بمسألة الوضوء والغسل ، ولا يجري في غيره ممّا ذكرنا من الأمثلة.
هذا هو الوجه الأوّل في الدفاع عن الشيخ رحمهالله.
وهنا وجه آخر أفاده بعض الأعاظم ، وحاصله : أنّ كلّي الحديث لا يترتّب عليه أثر شرعي بل الأثر إنّما يترتّب على خصوص الحدث الأصغر أو الحدث الأكبر ، فلا يمكن نقض كلام الشيخ رحمهالله باستصحاب كلّي الحدث.
وفيه : أنّه لو سلّم عدم ترتّب الأثر الشرعي على كلّي الحدث فهذا الجواب يختصّ بهذا المثال ، ولا يجري في غيره من الأمثلة كمثال الدَين ، فالإشكال الذي أوردوه على شيخنا الأعظم من هذه الناحية وارد عليه.
هذا تمام الكلام في استصحاب القسم الثالث من الكلّي.
__________________
(١) راجع مصباح الاصول : ج ٣ ، ص ١١٧ ، طبع مطبعة النجف ، فإنّه نقله عن استاذه.