اللاحق وبقاء الموضوع عرفاً ، فإنّ الزبيبية من الحالات عرفاً لا من المقوّمات.
وإستشكل عليه القائلون بعدم الحجّة أوّلاً : بأنّ عنوان الزبيب غير عنوان العنب عرفاً فقد تبدّل الموضوع وتغيّر.
والجواب عنه واضح : لأنّ هذا مناقشة في المثال ، مضافاً إلى أنّ الصحيح كون الزبيبيّة والعنبية من الحالات ، كما يحكم به الوجدان العرفي في نظائره من سائر الفواكه إذا جفّت ، بل في سائر الأغذية بعد الجفاف ، كالخبز إذا جفّ ، فهو نفس الخبز قبل الجفاف فإنّ الجفاف وعدمه ليس من مقوّمات الشيء ، نعم أنّه كذلك في مثل تبدّل الكلب إلى الملح وفي إنقلاب الخمر خلاً أو الماء بخاراً.
وثانياً : بأنّ هذا الاستصحاب معارض مع استصحاب آخر تنجيزي ، وهو استصحاب الطهارة أو الحلّية الثابتة قبل الغليان.
والجواب عنه : أنّه محكوم للاستصحاب التعليقي لأنّ الشكّ في الطهارة أو الحلّية التنجيزية مسبّب عن الشكّ في بقاء الحرمة أو النجاسة المعلّقة على الغليان.
وإن شئت قلت : أنّ الحلّية أو الطهارة كانت مغيّاة بعدم الغليان في حال كونه عنباً فنستصحبها في حال كونه زبيباً ، ومن المعلوم أنّ هذه الطهارة المغيّاة لا تنافي الحرمة المعلّقة على الغليان.
وثالثاً : ( وهو العمدة ) بأنّه يشترط في حجّية الاستصحاب ثبوت المستصحب خارجاً في زمان من الأزمنة قطعاً ثمّ يحصل الشكّ في ارتفاعه بسبب من الأسباب ، ولا يكفي مجرّد قابلية المستصحب للثبوت باعتبار من الاعتبارات ، أي بتقدير من التقادير ، فإنّ التقدير أمر ذهني خيالي لا وجود له في الخارج.
واجيب عنه بوجوه :
١ ـ ما أجاب به الشيخ الأعظم الأنصاري رحمهالله ، وهو أنّ الملازمة ( وبعبارة اخرى سببية الغليان لتحريم ماء العصير ) متحقّقة بالفعل من دون تعليق ، وبهذا يرجع جميع الاستصحابات التعليقيّة إلى التنجيزيّة.
وأورد عليه : بأنّه مخالف لما اختاره في ماهية الحكم الوضعي من عدم كونه مجعولاً من جانب الشارع بل أنّه مجرّد انتزاع ذهني من الحكم التكليفي ، وليس من الأحكام الوضعيّة