مرّ عدم صحّة هذا المبنى ، لأنّ المنجّزية والمعذّرية من حكم العقل ، ولا تنالها يد الجعل.
والمبنى الثالث عبارة عن جعل صفة اليقين أو صفة المحرزية بالنسبة إلى الاستصحاب ، وقد مرّ أيضاً أنّه غير معقول ، لأنّ صفة اليقين من الامور التكوينية التي لا تتعلّق بها الجعل والإنشاء ، ولا يمكن أن يصير الشاكّ قاطعاً بالإنشاء.
نعم يمكن أن يخاطب الشاكّ قاطعاً بالإنشاء.
نعم يمكن أن يخاطب الشاكّ بقوله « رتّب أثر اليقين » ، ولكنّه يعود أيضاً إلى جعل الحكم الظاهري الموافق لمؤدّى الاستصحاب ، وهكذا صفة المحرزية ، لأنّها أيضاً من الامور التكوينية.
إذا عرفت هذا فلنعد إلى أصل البحث وهو عدم حجّية الأصل المثبت ، وقد ذكر له وجوه عديدة :
الأوّل : ما أفاده الشيخ الأعظم ، وإليك نصّ كلامه : « إنّ تنزيل الشارع المشكوك منزلة المتيقّن كسائر التنزيلات إنّما يفيد ترتيب الأحكام والآثار الشرعيّة المحمولة على المتيقّن السابق ، فلا دلالة فيها على جعل غيرها من الآثار العقليّة والعادية ، لعدم قابليتها للجعل ، ولا على جعل الآثار الشرعيّة المترتّبة على تلك الآثار ، لأنّها ليست آثاراً لنفس المتيقّن ، ولم يقع ذوها مورداً لتنزيل الشارع حتّى تترتّب هى عليه » ( انتهى ).
وحاصل كلامه رحمهالله : أنّ الآثار مع الواسطة لا يجري فيها الاستصحاب لعدم وجود أركانه فيها ، لأنّ اليقين السابق كان في خصوص حياة زيد مثلاً ، لا ما يشمل لوازمه العقليّة والعادية في حال الشكّ.
الثاني : ما ذهب إليه المحقّق الخراساني في الكفاية ، وحاصله : أنّ مفاد الأخبار ليس أكثر من التعبّد بالمستصحب وحده بلحاظ ما لنفسه من الآثار الشرعيّة ، ولا دلالة لها بوجه على تنزيل المستصحب بلوازمه العقليّة والعادية حتّى تترتّب عليه آثارها أيضاً ، فإنّ المتيقّن إنّما هو لحاظ آثار نفسه ، وأمّا آثار لوازمه فلا دلالة هناك على لحاظها.
أقول : الظاهر أنّ نظره إلى إنّ إطلاقات « لا تنقض » لا تشمل المقام لأنّ من شرائط الأخذ بالإطلاق عدم وجود القدر المتيقّن ( على مبناه ) وهو مفقود في ما نحن فيه ، لوجود القدر المتيقّن وهو الآثار الشرعيّة من دون الواسطة.