الواسطة ، نظير أصالة عدم دخول هلال شوّال أو بقاء شهر رمضان في يوم الشكّ المثبت لكون الغد يوم العيد فيترتّب عليه أحكام العيد من الصّلاة والغسل وزكاة الفطرة وغيرها ، فإنّ إتّصاف الغد بصفة العيد بعد استصحاب بقاء رمضان في يوم الشكّ من اللوازم العقليّة قطعاً ، لكنّ العرف لا يفهمون من وجوب ترتيب آثار عدم انقضاء رمضان وعدم دخول شوّال إلاّ ترتيب أحكام آخرية ذلك اليوم لشهر ، وأوّلية غده لشهر آخر ، لأجل وضوح لزوم أحدهما للآخر وعدم انفكاكهما في جعل الأحكام.
ثالثها : ما إذا كانت الواسطة والمستصحب من قبيل المتضايفين كاستصحاب بقاء زيد زوجاً ، الذي يلازم بقاء هند مثلاً على زوجيتها ، ولا يفهم العرف من جعل أحدهما إلاّجعل الآخر ، ولا يصحّ عندهم ترتيب آثار الزوجيّة على خصوص الزوج دون زوجته بل يرون هذا من قبيل التناقض في الجعل ( وإن لم يكن كذلك حقيقةً ).
هذا ـ ويمكن جعل هذا المورد من مصاديق جلاء الواسطة الذي مرّ بيانه آنفاً ، والأمر في عدّهما أمرين مختلفين أو مصداقين لأمر واحد سهل.
هذا كلّه ما استثنى من الأصل المثبت.
ولكن قد اورد عليها من جانب الأعلام إشكالات :
الأوّل : ما أورده المحقّق النائيني على الشيخ الأعظم رحمهما الله في القسم الأوّل وهو ما إذا كانت الواسطة خفية ، وتبعه بعض أعاظم تلامذته ، وهو : « أنّه لا مسوّغ للأخذ بهذه المسامحة ، فإنّ الرجوع إلى العرف إنّما هو لتعيين مفهوم اللفظ عند الشكّ فيه أو في ضيقه وسعته مع العلم بأصله في الجملة ، لأنّ موضوع الحجّية هو الظهور العرفي ، فالمرجع الوحيد في تعيين الظاهر هو العرف ، سواء كان الظهور من جهة الوضع أو من جهة القرينة المقاليّة والحاليّة ، ولا يجوز الرجوع إلى العرف والأخذ بمسامحاتهم بعد تعيين المفهوم وتشخيص الظهور اللفظي كما هو المسلّم في مسألة الكرّ ... وكذا في مسألة الزكاة » (١).
أقول : يرد عليه :
أوّلاً : أنّ المسامحات العرفيّة على قسمين : قسم منها ما يكون العرف فيه ملتفتاً إلى
__________________
(١) راجع مصباح الاصول : ج ٣ ، ص ١٥٩ ، طبع مطبعة النجف.