أقول : الحقّ هو وجود الفرق بين العام الاستغراقي والعام المجموعي في المقام ، وما أرسله إرسال المسلّم في باب العام والخاصّ في غير محلّه ، وذلك لأنّ العام في العموم الاستغراقي كلّي له أفراد كثيرة ويتعدّد الحكم فيه بتعدّد افراده فإذا خرج فرد واحد بقيت سائر الافراد على حالها.
بخلاف العموم المجموعي فإنّ العام فيه وجود واحد مستمرّ له أمر واحد ، وتعلّق هذا الأمر بالمجموع بما هو مجموع ، فإذا خرج جزء منه سقط الأمر المتعلّق بالمجموع ، ولا أمر آخر يثبت الحكم به ، ولذلك يكون مقتضى القاعدة في صيام شهر رمضان سقوط الصيام عن الوجوب إذا اضطرّ المكلّف بالأكل أو الشرب ولو في ساعة ، إلاّ أن يدلّ دليل خاصّ على بقاء الوجوب كما في ذي العطاش على قوله ، وكما أنّه قد يقال بذلك في باب الصّلاة في فاقد الطهورين لأنّ المفروض أنّ الصّلاة والطهارة كأمر واحد لا يمكن التفكيك بينهما.
ولذلك لا يتمسّك الفقهاء لإثبات بقاء الوجوب بعموم العام في هذه الموارد بل يستدلّون بقاعدة الميسور.
نعم إذا كان الخاصّ في العام المجموعي متّصلاً كما إذا قال : « أكرم مجموع العشرة إلاّزيداً » كان العموم بعد إخراج الفرد المخصّص باقياً على حاله ، لأنّ العام ينعقد ظهوره في الباقي من الأوّل.
وخلاصة الكلام أنّ هيهنا أقساماً ثلاثة من العموم :
١ ـ العموم الاستغراقي ، كما إذا قال اوفوا بالعقود في كلّ يوم.
٢ ـ العموم المجموعي ، كما إذا قال : اوفوا بالعقود في مجموع الأيّام.
٣ ـ العموم المستفاد من مقدّمات الحكمة ومن طريق الاطلاق ، كما أنّه كذلك في قوله تعالى ( أَوْفُوا بِالْعُقُودِ ).
وقد ظهر ممّا ذكر ما هو الصحيح في القسم الأوّل والثاني ، وأمّا الثالث فلا يمكن الرجوع فيه إلى العام ، وذلك لأنّ العموم الأزماني هنا متفرّع على العموم الأفرادي فإذا دخل فرد من العقود تحت « اوفوا بالعقود » أمكن دعوى الاطلاق فيه من حيث الأزمان بمقدّمات الحكمة ، وأمّا إذا خرج فرد منه ولو على بنحو الإبهام كما في خيار الغبن فلا يمكن دعوى الاطلاق فيه بعد ذلك ، لأنّ دعوى الاطلاق فرع بقاء هذا العقد ( العقد الغبني ) تحت اوفوا بالعقود ، فإذا خرج