الثاني : أنّه لا مانع من استصحاب حكم الخاصّ حتّى في الصورة الرابعة لأنّ الزمان فيها وإن كان قيداً ولكنّه ليس قيداً للموضوع حتّى يتبدّل الموضوع بمضيّه ، بل إنّه قيد للحكم في أمثال المقام غالباً ، فلا إشكال في أنّ يوم الجمعة في مثال ، لا تكرم زيداً يوم الجمعة لا يكون قيداً لا لزيد الذي يكون موضوعاً لوجوب الإكرام ولا للإكرام الذي يكون متعلّقاً للوجوب ، بل إنّه قيد لنفس الوجوب ، وحينئذٍ يكون الموضوع السابق باقٍ على حاله ويستصحب حكمه.
الثالث : إنّ ما ذكره من الاستدراك في القسم الثالث من إمكان الرجوع إلى العام فيما إذا كان التخصيص من الأوّل لا يمكن المساعدة عليه ، لأنّ المفروض أنّ الحكم في العام واحد مستمرّ ولا ينحلّ ولا يفرّد بالزمان ، وحينئذٍ إذا انقطع هذا الحكم بالتخصيص ولو كان من الأوّل يحتاج إثباته بعد الانقطاع إلى دليل.
ثمّ إنّ بعض الأعلام بعد أن فسّر تفصيل الشيخ الأعظم رحمهالله ( بين ما إذا كان للعام عموم أزماني وما إذا لم يكن له عموم أزماني ) بأنّ العموم الأزماني تارةً يكون على نحو العموم الاستغراقي واخرى يكون على نحو العموم المجموعي ، إستشكل عليه بأنّه مخالف لما نقّحناه في بحث العام والخاصّ من عدم الفرق في جواز الرجوع إلى العام بين كونه استغراقياً أو مجموعياً ، فكما لا فرق بينهما في الأفراد العرضيّة ويرجع إلى العموم في غير ما علم خروجه بمخصّص سواء كان بنحو العموم الاستغراقي ( كما في مثال أكرم العلماء ) أو كان بنحو العموم المجموعي ( كما في مثال أكرم هذه العشرة ، فيما إذا كان المراد إكرام مجموع العشرة من حيث المجموع ثمّ علمنا بخروج زيد منها ) لأنّ التخصيص ( تخصيص مجموع العشرة بزيد ) لا يمنع شمول العام للاجزاء الاخر ، كذلك لا فرق بين العموم الاستغراقي والعموم المجموعي بالنسبة إلى الأفراد الطوليّة في جواز الرجوع إلى العام مع الشكّ في التخصيص ، غاية الأمر أنّه يثبت بالرجوع إلى العموم الاستغراقي حكم استقلالي ، وبالعموم المجموعي حكم ضمني للجزء المشكوك فيه (١).
__________________
(١) راجع مصباح الاصول : ج ٣ ص ٢١٦ ـ ٢٢٤ ، طبع مطبعة النجف.