الشكّ لا ينافي العلم الإجمالي الحقيقي بكذب أحدهما ، فهو نظير البيّنتين المتعارضتين أو الخبرين المتعارضين اللذين يجريان كلاهما ثمّ يتساقطان بالتعارض بحسب القاعدة.
فظهر أنّ الصحيح ما ذهب إليه الشيخ الأعظم رحمهالله من عدم جريانهما رأساً ، ولكن لا لتناقض صدر الحديث مع ذيله كما ذكره ، بل من باب الإنصراف كما ذكرنا.
بقي هنا شيء :
وهو بيان الثمرة في هذه المسألة :
إنّ ثمرة هذه المسألة تظهر في الملاقي لأحد الأطراف إذا كان كلّ واحد مسبوقاً بالنجاسة ثمّ علم بطهارة أحدهما إجمالاً ، فإنّه حينئذ طاهر بناءً على عدم جريان الاستصحاب ( وقد ثبت في محلّه أنّ ملاقي بعض أطراف الشبهة المحصورة طاهر وإن كان يجب الإجتناب عن نفس الأطراف لمكان العلم الإجمالي ) ولكنّه نجس بناءً على جريان الاستصحاب ، لأنّه حينئذٍ يكون كلّ طرف من الأطراف نجساً بالتعبّد الاستصحابي ، والمفروض عدم سقوط الاستصحاب بعد الجريان لعدم لزوم المخالفة العمليّة ، وإذا كان الطرف بنفسه نجساً بالتعبّد كان ملاقيه أيضاً نجساً كذلك.
وممّا ذكرنا ظهر الحال فيما إذا كان أحد الاستصحابين ذا أثر شرعي دون الآخر ، كما إذا كان الماء في أحد الطرفين كرّاً وفي الآخر قليلاً ، فيجري الاستصحاب في خصوص الماء القليل بلا معارض وتترتّب عليه آثاره حتّى عند من يقول بعدم جريان الاستصحاب في القسم الأوّل.
هذا كلّه في هو الصورة الثانية ، أي ما إذا لم يلزم من جريانهما مخالفة عملية.
وأمّا الصورة الاولى : أي ما إذا لزم من جريان الاستصحابين المخالفة العمليّة ، فالاستصحابان غير جاريين إمّا لعدم المقتضي كما أفاده الشيخ الأعظم رحمهالله أو للتعارض كما أفاده صاحب الكفاية.