على عدم البيان إلى الأبد ، بينما هو معلّق على عدم البيان في مقام التخاطب كما تقدّم تحقيقه في مبحث المطلق والمقيّد ، فإذا لم يأت من جانب المتكلّم بيان في مقام التخاطب كما هو المفروض إنعقد ظهور الاطلاق وتنجّز.
وذهب المحقّق النائيني رحمهالله في فوائد الاصول (١) إلى اشتراط عدم البيان إلى الأبد في انعقاد ظهور الاطلاق ثمّ نقل من المحقّق الخراساني رحمهالله في بعض فوائده الاصوليّة أنّه قال : « إنّ اللازم علينا جمع كلمات الأئمّة عليهمالسلام المتفرّقة في الزمان ، ونفرض أنّها وردت في زمان ومجلس واحد ، ويؤخذ ما هو المتحصّل منها على فرض الاجتماع » وقال : إنّ هذا الكلام منه ينافي ما ذهب إليه من أنّ العبرة على عدم البيان في مقام التخاطب لا مطلقاً.
وعلّق عليه المحقّق العراقي رحمهالله بأنّ الحقّ مع استاذنا المحقّق الخراساني رحمهالله ، وأنّ ما أفاده في بعض فوائده لا ربط له بما نحن فيه ، بل مراده منه أنّ كلمات المعصومين يفسّر بعضه بعضاً ، فلو جمعا في كلام واحد لكان أحدهما قرينة على التصرّف في الآخر ، وهذا لا ينافي ما أفاده من أنّ قوام ظهور المطلق بعدم إقامة القرينة على مرامه متّصلاً بكلامه.
أقول : أنّ العلمين وإن لم يذكرا هنا دليلاً على مدّعاهما ، ولكن الإنصاف أنّ أقوى الدليل على عدم صحّة مقالة المحقّق الخراساني رحمهالله ( وهى أنّ الاطلاق معلّق على عدم البيان إلى الأبد ) هو أنّ لازم ما ذهب إليه عدم انعقاد الظهور لمطلق من المطلقات إلى آخر أزمنة الأئمّة المعصومين صلوات الله عليهم أجمعين ، وهو كما ترى ، فإنّه لا ريب في صدور مطلقات كثيرة من جانب الرسول صلىاللهعليهوآله والأئمّة الهادين عليهمالسلام عمل بظهورها أصحابهم.
وعلى هذا فلا إشكال في أنّ ظهور الاطلاق أيضاً منجّز ، ولكن ظهور العام أقوى منه في الجملة ، فإذا إنضمّت إليه بعض القرائن الاخر قدّم عليه ، فلابدّ حينئذٍ من ملاحظة المقامات المختلفة والخصوصيات والقرائن الموجودة في كلّ مقام ، فإن أحرزنا من مجموع ذلك كون ظهور العموم أقوى من ظهور الاطلاق قدّمناه عليه ، وإلاّ يقع التعارض بينهما وتصل النوبة إلى المرجّحات الاخر.
__________________
(١) فوائد الاصول : ج ٤ ، ص ٧٣١ ، طبعة جماعة المدرّسين.