٢ ـ إذا تعارض الاطلاق الشمولي ( الذي هو بمنزلة العطف بالواو ) مع الاطلاق البدلي ( الذي هو بمنزلة العطف بـ « أو » ) كقوله « أكرم عالماً » و « لا تكرم الفاسق » ( فإنّ النسبة بينهما عموم من وجه ومحلّ التلاقي هو العالم الفاسق ) فقد يقال أنّ اطلاق الشمولي يقدّم على الاطلاق البدلي.
واستدلّ له المحقّق النائيني رحمهالله بأنّ « مقدّمات الحكمة في الاطلاق الشمولي تمنع عن جريان مقدّمات الحكمة في الاطلاق البدلي ، لأنّ من مقدّمات الحكمة في الاطلاق البدلي كون الافراد متساوية الأقدام ، ومقدّمات الحكمة في الاطلاق الشمولي يمنع عن ذلك ، ولا يمكن العكس » (١).
ويمكن أن يستدلّ له أيضاً بأنّ تقديم الاطلاق الشمولي يجتمع مع امتثال الاطلاق البدلي وعدم طرده ، بخلاف العكس ، فإنّه يوجب نفي بعض مصاديق المطلق الشمولي وترك العمل به.
٣ ـ إذا دار الأمر بين النسخ والتخصيص ، كما إذا قال المولى « لا تكرم زيداً » وفرضنا مجيء وقت العمل به ، ثمّ قال : « أكرم العلماء » فورد العام بعد حضور وقت العمل بالخاصّ ، فيدور الأمر بين أن يكون الخاصّ مخصّصاً أو يكون العام ناسخاً ، وهكذا إذا ورد الخاصّ بعد حضور وقت العمل بالعام ، فيدور الأمر بين أن يكون الخاصّ ناسخاً للعام أو مخصّصاً له.
ومثاله الشرعي ما إذا فرضنا صدور النهي عن بيع الغرر في إبتداء الهجرة ونزول ( أَوْفُوا بِالْعُقُودِ ) بعد سنين ، أو العكس ، ففي الصورة الاولى إن قلنا بالتخصيص كانت النتيجة عدم وجوب الوفاء بالبيع الغرري ، وإن قلنا بأنّ العام يكون ناسخاً للخاصّ كانت النتيجة وجوب الوفاء حتّى في البيع الغرري ، وفي الصورة الثانية ( وهى ما إذا كان نزول ( أَوْفُوا بِالْعُقُودِ ) قبل صدور النهي عن بيع الغرر ) إن قلنا بالتخصيص لم يجب الوفاء بالبيع الغرري من الأوّل ، وإن قلنا بالنسخ ( أي نسخ الخاصّ للعامّ ) لم يجب الوفاء به من حين ورود الخاصّ لا من الأوّل.
وكيف كان ، فقد ذهب المشهور إلى تقديم التخصيص على النسخ مطلقاً ، ولكن ذهب بعض إلى تقديم النسخ مطلقاً ، ومال إليه المحقّق الخراساني رحمهالله ( خلافاً لما ذهب إليه في مبحث العام والخاصّ ).
__________________
(١) فوائد الاصول : ج ٤ ص ٧٣٢ ، طبعة جماعة المدرّسين.