الأبد ، فدوامه واستمراره لازم لذاته وماهيّته ، لا أنّه يستفاد من الاطلاق اللفظي لأدلّته حتّى نتكلّم عن تقييده وعدمه ، وأمّا ما ورد في الحديث الشريف « حلال محمّد صلىاللهعليهوآله حلال إلى يوم القيامة وحرامه ... » فهو ناظر إلى خاتمية الشريعة المقدّسة لا إلى الاطلاق اللفظي لأدلّة قوانينها.
فقد ظهر إلى هنا عدم تمامية ما استدلّ به على تقديم النسخ ، والحقّ ما ذهب إليه المشهور وهو تقديم التخصيص ، لأنّ النسخ يحتاج إلى دليل قطعي بخلاف التخصيص الذي يثبت حتّى بخبر الواحد الثقة.
هذا ـ مضافاً إلى أنّ سيرة الفقهاء في الفقه على تقديم التخصيص كما يشهد عليها عدم السؤال والفحص عن تاريخ صدور العام والخاصّ ، فإنّ النسخ لابدّ فيه من الفحص عن التاريخ حتّى يتبيّن المقدّم منهما والمتأخّر فيكون المتأخّر ناسخاً والمتقدّم منسوخاً ، فعدم فحصهم عن تواريخ صدور الأحاديث من أقوى الدليل على ترجيحهم التخصيص على النسخ.
بقي هنا شيء :
وهو إنّا بعد ملاحظة العمومات والتخصيصات الواردة في الكتاب والسنّة والأحاديث الصادرة عن الأئمّة المعصومين صلوات الله عليهم نرى أنّ هناك مخصّصات وردت بعد حضور العمل بالعمومات ، فورد مثلاً عام في الكتاب أو السنّة النبوية مع أنّ خاصّه ورد في عصر الصادقين عليهماالسلام ، فإن قلنا بكونه مخصّصاً للعام يلزم تأخير البيان عن وقت الحاجة ، وإن قلنا بكونه ناسخاً يلزم كون الإمام عليهالسلام مشرّعاً ، مع أنّه حافظ للشريعة ، ولو قبلنا إمكان تشريعه ونسخه بعد توجيهه بإرادة كشف ما بيّنه النبي صلىاللهعليهوآله عن غاية الحكم الأوّل وابتداء الحكم الثاني لم يمكن قبوله هنا ، لأنّ غلبة هذا النحو من التخصيصات تأبى عن هذا التوجيه ، فما هو طريق حلّ هذه المشكلة؟
وقد ذكر لحلّها وجوه :
١ ـ أن يكن الخاصّ ناسخاً ، ولكنّه قد نزل في عصر النبي صلىاللهعليهوآله ولم تكن هناك مصلحة في إبرازه فأودع النبي صلىاللهعليهوآله أمر إبرازه بيد الإمام عليهالسلام ، وبعبارة اخرى : أنّ النبي صلىاللهعليهوآله أودع عندهم علم أجل الحكم وانتهائه ، فهم يبيّنون غاية الحكم وأمده بعد حلول أجله.