( كموافقة الأصل أو موافقة الإجماع المنقول )؟ فيه قولان :
١ ـ جواز التعدّي وهو ما ذهب إليه الشيخ الأعظم رحمهالله ومن تبعه ، بل إنّه قال : ادّعى بعضهم ظهور الإجماع وعدم ظهور الخلاف فيه بعد أن حكى الإجماع عليه عن جماعة.
٢ ـ عدم جواز التعدّي وهو ما ذهب إليه المحقّق الخراساني رحمهالله في الكفاية ، وتبعه المحقّق النائيني وبعض الأعاظم في رسائله.
واستدلّ القائلون بالتعدّي بوجوه أربعة :
الوجه الأوّل : التعليل الوارد في ذيل المقبولة في مقام الترجيح بالشهرة بالأخذ بالمشهور وترك الشاذّ النادر بقوله عليهالسلام « فإنّ المجمع عليه لا ريب فيه ».
بأن يقال : إنّ تعليله بعدم الريب في المشهور يدلّ على مرجّحية كلّ شيء يكون موجباً لأقلّية الريب فيما له المزية بالنسبة إلى مقابله سواء كان من المرجّحات المنصوصة أو لم يكن ، وذلك من جهة أنّه لا يمكن أن يكون المراد نفي الريب بقول مطلق حتّى يكون مساوقاً للعلم بالصدور ، فيكون خارجاً عن محلّ البحث وداخلاً في تمييز الحجّة عن اللاّحجّة ، بل يكون خلاف مفروض السائل في ذيل الرواية من كون كليهما مشهورين ، لأنّه لا معنى لأن يكون كلّ من الخبرين المتعارضين ممّا لا ريب فيه بقول مطلق أي قطعي الصدور ، فالمراد بنفي الريب نفيه بالنسبة إلى الآخر بواسطة شهرته بين المحدّثين والأصحاب ولا إشكال في أنّ هذا المعنى إذا كان هو التعليل للترجيح يمكن أن يوجد مثله في المزايا والمرجّحات غير المنصوصة فيجب التعدّي إليه.
واجيب عنه : بأنّ الظاهر من هذه الكلمة ( بمقتضى ظهور لا النافية للجنس في نفي الجنس والطبيعة ) هو نفي الريب بقول مطلق ، أي الريب مطلقاً وبجميع مراتبه منفي ، فإنّ الخبر إذا كان مشهوراً بين الرواة في الصدر الأوّل وكان مجمعاً عليه عندهم فهو ممّا يطمئن بصدوره على نحو صحّ أن يقال عرفاً أنّه ممّا لا ريب فيه ، ولا بأس بالتعدّي عن مثل هذه المزيّة إلى كلّ مزيّة توجب ذلك عيناً ولا نأبى عن ذلك.
إن قلت : إنّ هذا موجب للخروج عن محلّ الكلام ومخالف لفرضهما مشهورين.
قلنا : غاية ما يستفاد من الشهرة هنا نفي الريب في صدور الرواية ، ولا مانع من تعارضهما بعد كون الدلالة أو جهة الصدور فيهما ظنّياً ، فمثل هاتين الروايتين غير خارجتين عن محلّ الكلام.