واحد؟ اختلف فيه بين أرباب اللغة ، ففي مختصر الصحاح : الجَهد والجُهد الطاقة ، وفي مقاييس اللغة : الجيم والهاء والدالّ أصلة المشقّة ... والجُهد الطاقة » (١) وفي مفردات الراغب : الجَهد والجُهد الطاقة والمشقّة ، وقيل : الجَهد ( بالفتح ) المشقّة والجُهد الواسع ... ( إلى أن قال ) : والاجتهاد أخذ النفس ببذل الطاقة وتحمّل المشقّة (٢).
أقول : الظاهر أنّ معناه الأصلي هو نهاية الطاقة والقدرة التي من لوازمها المشقّة ، فإنّ من بذل نهاية طاقته يقع في المشقّة والكلفة ، وعليه فالصحيح أنّه بمعنى بذل نهاية الطاقة كما ذهب إليه في « التحقيق في كلمات القرآن الكريم » (٣) وإستعمل فيه في لسان الآيات أيضاً كقوله تعالى : ( وَالَّذِينَ لَايَجِدُونَ إِلاَّ جُهْدَهُمْ ) (٤) أي نهاية طاقتهم في الإنفاق على أمر الجهاد وقوله تعالى : ( وَأَقْسَمُوا بِاللهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ ) (٥) أي أقسموا بالله نهاية طاقتهم في القسم.
وأمّا في الاصطلاح : فقد ذكر له في كلمات الاصوليين تعاريف كثيرة :
١ ـ ما حكي عن قدماء الاصوليين من أهل السنّة والشيعة مثل الحاجبي والعلاّمة ، وهو : « استفراغ الوسع في تحصيل الظنّ بالحكم الشرعي ».
ويرد عليه أوّلاً : أنّه لا وجه للتقييد فيه بالظنّ ، لصدق الاجتهاد على استفراغ الوسع لتحصيل العلم أيضاً.
وثانياً : قد يكون نتيجة الاستنباط والاجتهاد حصول الظنّ بمطلق الحجّة من دون أن يصدق عليها الحكم ، كما في البراءة العقليّة والظنّ الانسدادي على الحكومة والاحتياط العقلي ، وحينئذٍ ليس التعريف جامعاً لتمام الافراد.
وثالثاً : أنّه يعمّ استفراغ وسع المقلّد في تحصيل فتوى مقلّده ( بالفتح ) أيضاً فلابدّ من ضمّ قيد « عن أدلّتها التفصيليّة » إليه حتّى يخرج جهد المقلّد.
__________________
(١) مقاييس اللغة : ج ١ ، ص ٤٨٦.
(٢) مفردات الراغب : جهد ، ص ٩٩.
(٣) التحقيق في كلمات القرآن الكريم : ج ٢ ، ص ١٣٦.
(٤) سورة التوبة : الآية ٧٩.
(٥) سورة النور : الآية ٥٣.