ورابعاً : لا حاجة إلى التعبير بالاستفراغ فإنّ لبذل الوسع في باب الفحص مقداراً لازماً قد ذكر في محلّه ، وهو قد لا يصل إلى حدّ الاستفراغ كما لا يخفى على من راجع كلماتهم هناك.
إن قلت : إنّ تعاريف القوم كلّها لفظية لشرح الاسم وحصول المعنى في الجملة ، وليست هى حقيقيّة لبيان الكنه والماهيّة ، لتكون بالحدّ أو الرسم ، مضافاً إلى أنّه لا إحاطة لغير علاّم الغيوب بكنه الأشياء كي يمكن تعريفها الحقيقي.
قلنا : أنّ التعاريف شرح الاسميّة إنّما هى من شؤون اللغوي الذي هو في مقام شرح اللفظ وبيان المفهوم الإجمالي ، وأمّا علماء العلوم المختلفة فكلّ واحد منهم بصدد بيان التعريف الحقيقي لما هو موضوع علمه أو موضوع مسائله ، ولذلك يقول اللغوي : « سعدانة نبت » ولا يقوله عالم النبات الذي يطلب في تعريفه لشيء من النباتات ترتيب آثار حقيقيّة خارجيّة ، فإنّ فلسفة التعاريف في سائر العلوم ( غير علم اللغة ) إعطاء معرفة جامعة مانعة للأشياء بيد الطالب ، حتّى يمكن له ترتيب آثارها عليها خارجاً ، ولا إشكال في توقّفه على إرائة تعريف جامع مانع.
وممّا يشهد على ما ذكره إيراد جميع علماء الاصول وغيره من العلوم وإستشكالهم بجامعيّة التعاريف ومانعيتها. هذا أوّلاً.
وثانياً : لا حاجة في تعريف كنه الأشياء إلى معرفة الجنس والفصل حتّى يقال بأنّ العالم بهما إنّما هو علاّم الغيوب ، لأنّ التعريف الجامع المانع لا يتوقّف عليهما ، بل يحصل بالعرض الخاصّ أيضاً.
أضف إلى ذلك أنّ الكلام في ما نحن فيه إنّما هو في العلوم الاعتباريّة لا الحقيقيّة ، ولا إشكال في أنّ كنه الامور الاعتباريّة وحقيقتها ليست أمراً وراء نفس الاعتبار ، فيكون كلّ معتبر عالماً بكنه اعتباره ، ولا
يختصّ العلم به بعلاّم الغيوب.
٢ ـ « استفراغ الوسع في تحصيل الحجّة على الحكم الشرعي ».
وهذا ـ مع سلامته عن الإشكال الأوّل والثاني الواردين على التعريف السابق لمكان التعبير بالحجّة ـ يرد عليه الإشكالان الأخيران كما لا يخفى.
٣ ـ « أنّه ملكة يقتدر بها على إستنباط الحكم الشرعي الفرعي من الأصل ، فعلاً أو قوّة قريبة منه ».