ويرد عليه أوّلاً : أنّ الاجتهاد الذي يعدّ عدلاً للتقليد والاحتياط ، والذي هو من أطراف الوجوب التخييري الثابت للاجتهاد والتقليد والاحتياط ، ليس عبارة عن نفس الملكة ، كما أنّ الطبابة والنجارة وغيرهما من سائر العلوم ليست ملكات نفسانية سواء بمعناها المصدري أو اسم المصدري ، لأنّ الملكة قوّة نفسانية ينشأ منها ويتولّد منها الاجتهاد ، وهكذا فعل الطبابة والنجارة ، نعم قد يطلق عنوان المجتهد ( لا الاجتهاد ) في الإصطلاح على من له ملكة الاجتهاد والاستنباط ولو لم يكن متلبّساً بالفعل الخارجي حين ذلك الاطلاق ، فعلى هذا فرق بين المعنى الوصفي والمصدري أو اسم المصدر.
ثانياً : ينبغي تبديل التعبير بـ « الأصل » بقوله « من أدلّته التفصيليّة » حتّى يعم جميع الأمارات والاصول ، ولا يكون فيه إجمال وإبهام.
ثالثاً : كثيراً مّا لا يكون مستنبط الفقيه حكماً من الأحكام ، بل يكون من قبيل تحصيل الحجّة على البراءة أو الاشتغال ، كما مرّ بالنسبة إلى التعريف الأوّل والثاني.
٤ ـ ما جاء في التنقيح من « أنّ الاجتهاد هو تحصيل الحجّة على الحكم الشرعي » (١).
وهو وإن كان أحسن من غيره من بعض الجهات ، لكن يرد عليه أيضاً بعض الإشكالات لشموله عمل المقلّد أيضاً ، فإنّه أيضاً يحصّل الحجّة على الحكم الشرعي ، غاية الأمر من طريق دليل إجمالي وهو « إنّ كلّ ما حكم به المجتهد فهو الحجّة على المقلّد ».
هذا ـ مضافاً إلى شموله للمسائل الاصوليّة لخلوّه عن قيد « الفرعيّة » ، ومضافاً إلى ما أورد على التعاريف السابقة بالإضافة إلى التعبير بالحكم من أنّه ليس جامعاً لجميع المصاديق.
فالأولى في تعريف الاجتهاد أن يقال : الاجتهاد هو استخراج الحكم الشرعي الفرعي أو الحجّة عليه من أدلّتها التفصيليّة.
بقي هنا شيء :
وهو ما ذهب إليه بعض الأعلام في تنقيحه من أنّ ملكة الاجتهاد تحصل للإنسان وإن لم
__________________
(١) التنقيح في شرح العروة الوثقى : ج ١ ، ص ٢٢ ، طبعة مؤسسة آل البيت.