للعناوين الواردة فيهما ، بل إنّها طريق إلى من يكون قادراً على القضاء ، وعناوين مشيرة إلى اعتبار العلم بأحكام القضاء حتّى يكون قادراً عليه ، فهما تعمّان المتجزّي أيضاً.
فظهر أنّه يجوز القضاء للمتجزّي حتّى لمن كان مجتهداً في مسائل قليلة ، لكن الكلام في وجود هذا القسم من المتجزّي خارجاً كما مرّ سابقاً.
بقي هنا شيء :
وهو أنّه لا إشكال في عدم اعتبار الإذن من المجتهد المطلق في عمل المجتهد المتجزّي برأيه إذا كان مجتهداً في المباني الاصوليّة ، وحصل له القطع بالحجّة بعد الإستنباط ، نعم رجوع العامي إليه يحتاج إلى الإذن من المجتهد المطلق ، أي لابدّ له من التقليد عن المجتهد المطلق في خصوص هذه المسألة ، أي مسألة جواز التقليد عن المجتهد المتجزّي ، وإلاّ دار ، وهذا نظير ما يقال به في مسألة جواز تقليد غير الأعلم من أنّه لابدّ في خصوص هذه المسألة من تقليد الأعلم ، فإن أجاز هو تقليد غير الأعلم فهو ، وإلاّ فلا يجوز تقليد غير الأعلم ، وهكذا بالنسبة إلى مسألة تقليد الميّت. فلابدّ في خصوصها من تقليد الحي.
إلى هنا تمّ الكلام في الأمر الرابع بكلتا جهتيه ( أحكام المجتهد المطلق والمتجزّي ).
الأمر الخامس : مباني الاجتهاد
وقد ذكر بعضهم أنّ الاجتهاد في المسائل الشرعيّة يبتني على علوم كثيرة ربّما تربو على أربعة عشر علماً : علم اللغة ، علم الصرف ، علم النحو ، علم التفسير ، علم الرجال ، علم الحديث ، علم الدراية ، علم الكلام ، علم اصول الفقه ، علم الفقه نفسه ( ممارسة الفقه ) ، علم المنطق ، الفلسفة ، علم المعاني ، علم البيان.
ولابدّ من البحث أوّلاً : في أصل وجوب تحصيل كلّ واحد من هذه العلوم واعتباره في الاجتهاد والإستنباط ، وثانياً : في المقدار اللازم منه.
فنقول : أمّا علم اللغة ، فلا ريب في لزومه أمّا اجتهاداً أو رجوعاً إلى أهل الخبرة ، لأنّ عمدة الأدلّة هى الكتاب والسنّة ، وهما صدرا بلسان عربي مبين ، فلابدّ من معرفة مواد اللغة العربية.