وهكذا علم الصرف ، لوضوح دخالته في فهم الكتاب والسنّة ، وعلم النحو ، لأنّ كلمة واحدة تستعدّ لمعانٍ مختلفة على أساس إعرابات متفاوتة ، فلابدّ من معرفته حتّى تتميّز المعاني بعضها عن بعض ، نعم اللازم منه ما يكون له أثر في اختلاف المعاني فحسب لا أكثر.
وبالجملة لكلّ واحد من هذه الثلاثة دخل في فهم المعاني ، فإنّ علم اللغة يبيّن المادّة ، وعلم الصرف يبيّن هيئة الكلمة وعلم النحو يبيّن هيئة الجملة.
وأمّا علم التفسير ، فالمراد منه ما يكون وراء الثلاثة السابقة وهو الإحاطة بالآيات القرآنيّة ، وردّ بعضها إلى بعض ، ومعرفة المحكم والمتشابه ، والناسخ والمنسوخ ، وغير ذلك من أشباهه فلا إشكال في دخله في إستنباط الأحكام.
وأمّا علم الرجال ، فلا حاجة إليه عند من يقول بحجّية الأخبار المدوّنة في الكتب المشهورة المعروفة ، من الكتب الأربعة وغيرها ، وهكذا عند القائلين بحجّية الأخبار الواردة في خصوص الكتب الأربعة ، وأمّا بناءً على مبنى القائلين باعتبار الوثوق برجال السند أو الوثوق بالرواية ( الذي قد يحصل من طريق الوثوق بالراوي وقد يحصل من طريق الموافقة لعمل المشهور ، وقد يحصل من طريق علوّ المضامين ، أو من طريق تظافر الروايات ) فلا إشكال في لزوم علم الرجال ودخله في الاستنباط والاجتهاد كما لا يخفى.
وأمّا علم الحديث فيكون بمنزلة علم التفسير ، ومورداً للحاجة في طريق الاستنباط ، لأنّ المراد منه معرفة لسان الرواية فإنّ لرواية الأئمّة المعصومين لسان خاصّ ، ولحن مخصوص بها كالقرآن الكريم ، يفترق عن لسان عبارات الفقهاء والعلماء ولحنها.
وأمّا علم الدراية ، فلا إشكال في لزومه أيضاً ، لأنّ المراد منه هو معرفة أقسام الرواية من حيث صفات الراوي من الصحيح والحسن والضعيف وغيرها ، وبما أنّ الميزان في حجّية الرواية هو الوثوق بالرواية وأحد طرق حصوله هو الوثوق برجال الحديث كما مرّ آنفاً فلابدّ من معرفة أقسام الحديث على أساس رجال السند.
وأمّا علم الكلام ، فكذلك لا إشكال في لزومه لأنّ إثبات حجّية كلام المعصوم وفعله وتقريره متوقّف على إثبات إمامته وعصمته في الرتبة السابقة ، كما أنّ إثبات حجّية ظواهر الكتاب أيضاً مبنيّ على إثبات حقّانيّة أصل الكتاب وهكذا ... ، ومحلّ البحث عن مثل هذه الامور إنّما هو علم الكلام كما لا يخفى.