منها : ما ورد في نهج البلاغة عن أمير المؤمنين عليهالسلام : « لا ورع كالوقوف عند الشبهة » (١).
وفي هذا المعنى أيضاً روايات عديدة كالرواية ٢٤ و ٢٥ و ٣٣ و ٤١ و ٥٧.
والجواب عنها : أنّ التعبير بالورع بنفسه قرينة على الاستحباب لأنّ الورع ليس واجباً كما مرّ آنفاً.
الطائفة الرابعة : ما ورد في الشبهات الموضوعيّة التي لا إشكال في البراءة فيها حتّى عند الأخباري :
منها : ما رواه السيّد الرضي رحمهالله في نهج البلاغة عن أمير المؤمنين عليهالسلام في كتابه إلى عثمان بن حنيف عامله على البصرة : « أمّا بعد يابن حنيف فقد بلغني أنّ رجلاً من فتية أهل البصرة دعاك إلى مأدبة فأسرعت إليها ، تستطاب لك الألوان وتنقل عليك ( إليك ) الجفان وما ظننت إنّك تجيب إلى طعام قوم عائلهم مجفوّ وغنيّهم مدعوّ ، فانظر إلى ما تقضمه من هذا المقضم فما اشتبه عليك علمه فالفظه وما أيقنت بطيب وجوهه فَنَل منه » (٢).
وفي هذا المعنى رواية اخرى وهى الرواية ١٨ من نفس الباب.
ويرد عليها : مضافاً إلى أنّها ناظرة إلى الشبهات الموضوعيّة (٣) إنّها أخصّ من المدّعى لورودها في حقّ الحكّام والقضاة ، ولا يخفى الفرق بينهم وبين غيرهم.
الطائفة الخامسة : ما يكون النظر فيها إلى اصول الدين.
منها : ما رواه زرارة عن أبي عبدالله عليهالسلام قال : « لو أنّ العباد إذا جهلوا وقفوا ولم يجحدوا لم يكفروا » (٤).
وهناك روايات اخرى في نفس الباب تدلّ على هذا المعنى كالرواية ٥٣.
والجواب عنها : أنّها أيضاً خارجة عن محلّ الكلام لأنّ الكلام في الأحكام الفرعيّة لا الاصوليّة التي يجب فيها العلم واليقين.
__________________
(١) وسائل الشيعة : الباب ١٢ ، من أبواب صفات القاضي ، ح ٢٠.
(٢) المصدر السابق : ح ١٧.
(٣) والذي يدلّ على أنّ الرواية الثانية ناظرة إلى الشبهات الموضوعيّة قوله عليهالسلام فيها : « وآخذهم بالحجج » لأنّ المراد من الحجج هو أدلّة الخصمين لإثبات دعواهما.
(٤) وسائل الشيعة : الباب ١٢ من أبواب صفات القاضي ، ح ١١.