مذيّلاً بالتعليل بأنّه خير من الإقتحام في الهلكة ، وثانيهما : ما لا يكون له هذا الذيل ، كقوله عليهالسلام : « من ترك الشبهات كان لما استبان له أترك ». أمّا الطائفة الاولى : فلابدّ من حملها على الإرشاد كأوامر الإطاعة والإنقياد ، وأمّا الطائفة الثانية : فهى أيضا بمقتضى التعليل الواقع في ذيلها ظاهرة في الإرشاد لكن لا إلى حكم العقل بحسن الإطاعة ، بل إلى عدم الوقوع في مخالفة التكاليف الواقعيّة والمفاسد النفس الآمرية نظير أوامر الطبيب ونواهيه ، وأمّا الطائفة الثالثة : فهى وإن كانت قابلة للإرشاد وللمولويّة إلاّ أنّ ظهورها في المولويّة ينفي الإرشادية ، نعم يدور أمرها بين الاستحباب النفسي ، أو الطريقي كسائر الأحكام الطريقيّة المجعولة لحفظ الواقعيات المجهولة كما في أوامر الطرق والأمارات على ما بيّناه ، وحينئذٍ فظاهر تعلّق الأمر بعنوان المشتبه وإن كان يقتضي كونه مستحبّاً نفسيّاً حكمته إعتياد المكلّف على الترك بنحو يهون عليه الاجتناب عن المحرّمات المعلومة ولكن لا يبعد ترجيح الطريقيّة نظراً إلى بعد الاستحباب النفسي عن مساق تلك الأخبار ... إلى أن قال : فعلى هذا صحّ لنا دعوى عدم استفادة الاستحباب المولوي النفسي من الأخبار الواردة في المقام حتّى المشتمل منها على عنوان المشتبه » (١).
أقول : إنّ الطائفة الثالثة من الأخبار أيضاً ظاهرة في الإرشاد لا المولويّة ، لأنّها ترشدنا إلى أنّ ترك المشتبهات يقوّينا على ترك المحرّمات المعلومة ، فهى إرشاد إلى ما يوجب الإجتناب عن المحرّمات ، وهو حصول القوّة والعادة على ترك القطعيّة منها.
وأمّا المقام الثالث : ( وهو إمكان الاحتياط في العبادات ) فاستشكل فيه بما يمكن أن يقرّر بثلاث تقريرات :
الأوّل : أنّه يعتبر في العبادة قصد القربة ، وهو يحتاج إلى أمر قطعي ، وهو مفقود في المقام.
الثاني : أنّ العبادة فرع الإطاعة ، والإطاعة متفرّعة على وجود الأمر. ( لكنّه يرجع إلى الأوّل وإن جاء في بعض الكلمات بعنوان بيان مستقلّ ).
الثالث : لابدّ في العبادة من الجزم بكون العمل مأموراً به ولا جزم في موارد الاحتياط.
واجيب عنها بامور :
__________________
(١) نهاية الأفكار : القسم الثاني من الجزء الثالث ، ص ٢٦٠ و ٢٦١.