الأمر الأوّل : من طريق إثبات وجود أمر قطعي في الاحتياط ، وذلك بثلاثة طرق :
١ ـ أن يقصد إمتثال أوامر الاحتياط.
وفيه : أنّه قد عرفت أنّ تلك الأوامر إرشاديّة ، ولا يصحّ قصد التقرّب بالأوامر الإرشاديّة لعدم حسن ذاتي لمتعلّقاتها بل الحسن والمحبوبيّة إنّما هى في المرشد إليه على فرض وجوده.
٢ ـ أن يقال : يترتّب على الاحتياط الثواب وهو يلازم المحبوبيّة الذاتية.
وفيه : منع ترتّب الثواب كما مرّ آنفاً.
هذا مضافاً إلى لزوم الدور ، لأنّ لازم ذلك توقّف إمكان الاحتياط على ترتّب الثواب عليه ، بينما ترتّب الثواب يتوقّف على إمكان الاحتياط.
٣ ـ أن يقصد إطاعة إخبار « من بلغ ... ».
ولكن سيأتي أنّ إخبار من بلغ لا تدلّ على المحبوبيّة الذاتيّة وأنّ الثواب الوارد فيها هو من باب التفضّل من الله تعالى لا من باب حصول الاستحقاق ، والثواب التفضّلي ليس كاشفاً عن الأمر كما هو وضاح.
الأمر الثاني : ما هو أسوأ حالاً من سابقه ، وهو أن يقال : إنّ المراد بالاحتياط في العبادات هو نفس إتيان ظاهر العمل ولو بدون قصد القربة.
وإشكاله واضح ، لأنّه لا محبوبيّة ولا حسن لما أتى به من دون قصد القربة ، والإتيان بظاهر العبادة بدون القربة كالجسد بلا روح.
الأمر الثالث : ( وهو العمدة ) أن يقال بكفاية الاحتمال بل الرجاء في تحقّق قصد القربة ، ولا حاجة إلى الأمر القطعي.
توضيح ذلك : قد مرّ في مبحث التعبّدي والتوصّلي أنّ أعمال الإنسان على قسمين : قسم منها من الامور التكوينيّة الحقيقيّة غير الاعتباريّة كالصناعات والتجارات والزراعات وغيرها من الأعمال الاعتياديّة للبشر التي لا دخل فيها ليد الجعل والاعتبار ، وقسم آخر يكون من الامور الاعتباريّة المجعولة من قبل العقلاء كجعل رفع القلنسوة أو وضع العمامة مثلاً للاحترام والتعظيم على اختلاف الآداب والعادات ، ومن هذا القسم ما يدلّ على نوع خاصّ من الخضوع والتواضع الذي يسمّى بالعبادة وفي اللغة الفارسيّة بـ « پرستش » ، نظير التواجد