معيّن مدفن معصوم كمدفن هود وصالح في المكان المعروف الآن في وادي السلام في أرض الغري أو مقام إمام عليهالسلام ، فإنّ الإخبار بهذه الموضوعات يدلّ التزاماً على ترتّب الثواب على زيارة المعصوم في المكان الذي قام الخبر على كونه مدفنه ، ولا إشكال في أنّ البلوغ يصدق على كلّ من الدلالة المطابقيّة والالتزاميّة لأنّ العرف يلغي الخصوصيّة عن المدلول المطابقي ، فيصير مثل هذا الخبر مشمولاً لأخبار من بلغ.
الأمر العاشر : إذا وردت رواية ضعيفة باستحباب فعل ، وورد دليل معتبر ظنّي بعدم استحبابه فهل تشملهما أخبار من بلغ أو لا؟ قال الشيخ الأعظم الأنصاري رحمهالله في رسالته الخاصّة في مسألة التسامح : « فيه وجهان بل قولان صرّح بعض مشايخنا بالثاني لأنّ الدليل المعتبر بمنزلة القطعي فلابدّ من التزام عدم استحبابه وترتيب آثار عدم الاستحباب عليه كما لو قطع بعدم الاستحباب » ثمّ إستشكل فيه بما يرجع حاصله إلى وجهين :
الأوّل : إنّ أخبار من بلغ تعارض أدلّة حجّية الدليل المعتبر ، ومقتضى القاعدة وإن كان هو التساقط إلاّ أنّ الأمر لمّا دار بين الاستحباب وغيره وصدق بلوغ الثواب حكم بالاستحباب تسامحاً.
فإن قلت : أخبار بلوغ الثواب لا تعمّ نفسها.
قلنا : نعم هو غير معقول إلاّ أنّ المناط منقّح فلا يقدح عدم العموم اللفظي لعدم تعقّله فافهم فالقول بالتسامح قوي جدّاً.
الثاني : أنّه لا تعارض في البيان لأنّ الشارع نزّل المظنون بالأدلّة المعتبرة منزلة الواقع المقطوع لا أنّه نزّل صفة الظنّ منزلة صفة القطع ، ونزّل نفس الاحتمال المرجوح منزلة القطع بالعدم ، وحينئذٍ يكون الاحتمال باقياً على حاله ، وهو موضوع أخبار عن بلغ ، ولذا لا ينكر حسن الاحتياط مع قيام الأدلّة المعتبرة.
أقول : أوّلاً : لا تعارض بين أدلّة حجّية خبر الواحد وأخبار من بلغ ، بل الثانية حاكمة على الاولى كحكومة أدلّة الوفاء بالنذر على أدلّة استحباب صلاة الليل مثلاً فيما إذا نذر أن يأتي بها ، فإنّ موضوع هذه الأخبار عنوان ثانوي وهو عنوان العمل بالخبر الضعيف امتثالاً لقول النبي صلىاللهعليهوآله ( وتعظيماً واهتماماً بكلامه ) وهو متحقّق حتّى بعد قيام دليل معتبر على عدم الاستحباب.