وثانياً : لا يبعد دعوى انصراف هذه الأخبار عن مثل هذا المورد ، وقد أشار إليه الشيخ رحمهالله نفسه في ذيل كلامه إلاّ أنّه لم يقبله بقوله « ولا شاهد عليه » ، ونحن نقول : الشاهد عليه هو الوجدان.
الأمر الحادي عشر : لو وردت رواية ضعيفة بالاستحباب ورواية ضعيفة اخرى بعدمه فلا إشكال في شمول أخبار من بلغ ، لعدم جريان ما مرّ في التنبيه السابق من الانصراف هنا كما لا يخفى ، ومنه يظهر الحال فيما إذا وردت رواية ضعيفة اخرى بالكراهة فلا مانع من الشمول أيضاً لتحقّق موضوع الأخبار وهو بلوغ الثواب وعدم إحراز الإنصراف.
لكن شيخنا الأنصاري رحمهالله إستشكل فيه بأنّ لازمه استحباب كلّ من الفعل والترك لأنّ ترك العمل المكروه أيضاً مستحبّ ، وهو غير ممكن لأنّ طلب الفعل والترك قبيح لعدم القدرة على الإمتثال ، وصرف الأخبار إلى استحباب أحدهما على وجه التخيير موجب لاستعمال الكلام في الاستحباب العيني والتخييري ( أي استعمال اللفظ في أكثر من معنى ) مع أنّ التخيير بين الفعل والترك في الاستحباب لا محصّل له ( لأنّ المكلّف إمّا فاعل أو تارك على أيّ حال فيكون الطلب التخييري من قبيل تحصيل الحاصل ).
أقول : أوّلاً : لا إشكال في جواز استعمال اللفظ في أكثر من معنى على المبنى المذكور في محلّه.
ثانياً : ليس التخيير بين الفعل والترك في ما نحن فيه من قبيل تحصيل الحاصل لأنّه إنّما يتصوّر فيما إذا لم يكن شقّ ثالث في المقام بينما الصور المتصوّرة هنا أربعة ، فتارةً يأتي بالعمل احتراماً للنبي صلىاللهعليهوآله ورجاءً للثواب ، واخرى يتركه كذلك ، وثالثة يأتي به لا لطلب الثواب وقول النبي صلىاللهعليهوآله بل لداع من الدواعي الاخرى ، ورابعة يتركه كذلك ، وحينئذٍ يمكن البعث والتحريك لأن يأتي المكلّف بالفعل أو يتركه بقصد القربة وطلباً لما بلغ عن النبي صلىاللهعليهوآله من الثواب.
فلا إشكال حينئذٍ في شمول الأخبار لما نحن فيه ، نعم لا يبعد القول بالانصراف في هذه الصورة أيضاً كما أشار إليه الشيخ الأنصاري رحمهالله في ذيل كلامه بقوله : « مضافاً إلى انصرافها