بشهادة العرف إلى غير هذه الصورة » (١).
الأمر الثاني عشر : حكى عن الشهيد رحمهالله في الدراية أنّه قال : « جوّز الأكثر العمل بالخبر الضعيف في نحو القصص والمواعظ وفضائل الأعمال لا في صفات الله تعالى وأحكام الحلال والحرام وهو حسن حيث لم يبلغ الضعيف حدّ الوضع والاختلاف ( الاختلاق ) ».
وقال شيخنا الأعظم رحمهالله بعد نقل كلامه هذا : « المراد بالخبر الضعيف في القصص والمواعظ هو نقلها واستماعها وضبطها في القلب وترتيب الآثار عليها عدا ما يتعلّق بالواجب والحرام ... ويدخل حكاية فضائل أهل البيت عليهمالسلام ومصائبهم من دون نسبة إلى الحكاية ...
كأن يقول : كان أمير المؤمنين يقول كذا ويفعل كذا ويبكي كذا ، ونزل على مولانا سيّد الشهداء عليهالسلام كذا وكذا » (٢).
ثمّ استدلّ على الجواز بطريق العقل والنقل وقال : إنّ الدليل على جواز ما ذكرنا من طريق العقل حسن العمل بهذه مع أمن المضرّة فيها على تقدير الكذب ، وأمّا من طريق النقل فرواية ابن طاووس رحمهالله ( من بلغه شيء من الخير فعمل به كان له ذلك (٣) والنبوي (٤) ( وهو رواية عدّة الداعي المذكورة سابقاً ).
أقول : يرد عليهما ( الشهيد والشيخ الأعظم رحمهما الله ) أوّلاً : أنّ المقام داخل في ما استثنياه من كلامهما وهو ما يتعلّق بالحرام والحلال لأنّ المقام مشمول لقوله تعالى : ( وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ ) والقول بغير علم حرام بمقتضى هذه الآية وأدلّة اخرى كثيرة إلاّ إذا قلنا بأنّ المستفاد من أخبار من بلغ حجّية الخبر الضعيف فيكون حاكماً على هذه الآية.
ثانياً : الظاهر من قوله عليهالسلام « فعمل به » العمل الخارجي الجارحي ، ونقل القصص وذكر الفضائل ليس عملاً بالقصص والفضائل ولا أقلّ من الإنصراف.
ثالثاً : لا يأمن من المضرّة في المقام لأنّ هذا يفتح باب الأكاذيب والخرافات في الشرع المقدّس وادخال ما يوجب الوهن للأنبياء والأوصياء ولمعالمهم ومعارفهم ، وأيّ مضرّة أشدّ منه؟!
__________________
(١) مجموعة رسائل : ص ٢٨ و ٣٦.
(٢) المصدر السابق : ص ٢٨ و ٣٦.
(٣) وسائل لشيعة : الباب ١٨ ، من أبواب مقدّمة العبادات ، ح ٩.
(٤) المصدر السابق : ح ٤.