ومن العجب استدلال بعضهم للجواز بما دلّ على رجحان الإعانة على البرّ والتقوى ورجحان الإبكاء على سيّد الشهداء عليهالسلام ما دامت الغبرى والسماء ، وأنّ من أبكى وجبت له الجنّة من باب أنّ ذكر المصائب مقدّمة للبكاء المستحبّ ومقدّمة المستحبّ مستحبّة.
وفيه : أنّ الإعانة والإبكاء ـ كما أفاد الشيخ الأعظم رحمهالله ـ قد قيّد رجحانهما بالسبب المباح والمقدّمة المباحة ، لعدم جواز التوصّل بالمحرّم لإتيان المستحبّ ، فلابدّ حينئذٍ من ثبوت إباحة المقدّمة من الخارج ، ولا يمكن إثبات إباحة شيء وعدم تحريمه بأنّه يصير ممّا يعان به على البرّ لو كان كذلك لكان لأدلّة الإعانة والإبكاء قوّة المعارضة لما دلّ على تحريم بعض الأشياء كالغناء في المراثي والعمل بالملاهي لإجابة المؤمن ونحو ذلك.
الأمر الثالث عشر : هل يترتّب على متعلّق أخبار من بلغ سائر آثار العمل المستحبّ غير تّرتّب الثواب؟ فإذا ورد خبر ضعيف على استحباب غسل خاصّ فهل يمكن إتيان الصّلاة به بناءً على كفاية الأغسال المستحبّة عن الوضوء؟
قد يقال بالفرق بين ما إذا كان المبنى ثبوت المسألة الاصوليّة فيترتّب سائر الآثار ، وما إذا كان المبنى ثبوت المسألة الفقهيّة فلا يترتّب ، ولكن الإنصاف عدم الفرق بين المبنيين لأنّه إذا كان المستفاد من الأخبار مجرّد ترتّب الثواب على ذلك الفعل لا المحبوبيّة الذاتيّة فعلى القول بدلالتها على حجّية الخبر أيضاً يمكن أن يقال بأنّها تدلّ على الحجّية من هذه الجهة لا من جميع الجهات
وإن شئت قلت : كفاية الأغسال المستحبّة عن الوضوء ناظرة إلى ما كان مستحبّاً ذاتيّاً لا ما كان بعنوان الإنقياد وطلب قول النبي صلىاللهعليهوآله من العناوين الطارئة.
الأمر الرابع عشر : لا إشكال في أنّ النسبة بين هذه الأخبار وأدلّة حرمة التشريع ليست التعارض لأنّ الأخبار حاكمة عليها توجب رفع موضوع التشريع تعبّداً كما لا يخفى.
وإن شئت قلت : أخبار من بلغ لسانها لسان أدلّة العناوين الثانوية كأدلّة أمر الوالد وشبهها الجارية على موضوعات ثانوية ، ومن المعلوم أنّها حاكمة على أدلّة العناوين الأوّلية بل قد يكون واردة عليها إذا كانت قطعيّة.
الأمر الخامس عشر : أنّ ظاهر الأصحاب عدم التفصيل في مسألة التسامح بين أن يكون الفعل من ماهيّات العبادات المركّبة المخترعة كما إذا ورد خبر ضعيف على أنّ صلاة الأعرابي