٢ ـ أصالة التخيير
إذا دار الأمر بين وجوب شيء وحرمته سواء كان بنحو الشبهة الحكميّة ( كما إذا دار الأمر في زمن الغيبة بين وجوب صلاة الجمعة وبين حرمتها مع قطع النظر عن اعتبار القربة في الصّلاة أم كان بنحو الشبهة الموضوعيّة ( كما إذا شككنا في أنّ متعلّق النذر شرب هذا المائع في زمن خاصّ أو تركه ) ففيه وجوه :
١ ـ الحكم بالبراءة شرعاً وعقلاً نظير الشبهات البدوية بعينها.
٢ ـ وجوب الأخذ بأحدهما تخييراً شرعاً وعقلاً.
٣ ـ التخيير بين الفعل والترك عقلاً والحكم بالبراءة شرعاً.
٤ ـ التخيير بين الفعل والترك عقلاً مع التوقّف عن الحكم بشيء شرعاً.
٥ ـ التوقّف عن الحكم عقلاً وشرعاً.
واختار المحقّق الخراساني رحمهالله القول الثالث الذي يتركّب من جزئين : التخيير بين الفعل والترك عقلاً ، والحكم بالإباحة شرعاً ، واستدلّ للجزء الأوّل بحكم العقل بعدم الترجيح بين الفعل والترك ، وللجزء الثاني بشمول مثل : « كلّ شيء لك حلال حتّى تعرف أنّه حرام » له.
إن قلت : جريان البراءة في كلّ واحد من الطرفين معارض لجريانها في الطرف الآخر.
قلنا : التعارض فرع لزوم المخالفة القطعيّة العمليّة وهو مفقود في المقام.
إن قلت : إنّ العقل كما يستقلّ بوجوب الإطاعة عملاً كذلك يحكم بوجوبها التزاماً وقلباً ، والتمسّك بالأصل في الطرفين ينفي هذا المعنى.
قلنا : بناءً على تسليم وجوب الموافقة الالتزاميّة لا منافاة بينه وبين جريان أصالة الحلّ ، لإمكان الإنقياد القلبي الإجمالي بأن يلتزم إجمالاً بالحكم الواقعي على ما هو عليه وإن لم يعلم بشخصه تفصيلاً وفي مقام الفعل ، ولا دليل على وجوب الأزيد منه على فرض القول بوجوبه.