.................................................................................................
______________________________________________________
فجعلها في قدر واحد ثم أمر به فطبخ ، فأكل منه وحسيا من المرق» (١) وكذلك أُمر بالأكل في روايات كثيرة نتعرض إليها أثناء البحث.
ولا ريب أن ظاهر هذه الأوامر هو الوجوب ولا وجه لرفع اليد عنه ، فحمل الأمر الواقع في الكتاب والسنة على الجواز بالمعنى الأعم أي الاستحباب كما صنعه في الجواهر بدعوى أن الأمر صدر في مقام توهم الحظر ، خصوصاً بعد أن كان المحكي عن الجاهلية تحريم ذلك على أنفسهم كما حكاه الزمخشري في الكشاف عنهم (٢) فيكون الأمر بالأكل حينئذ ظاهراً في مطلق الإباحة ورفع الحظر ، مما لا وجه له ، إذ يرد عليه :
أوّلاً : أنه لم يثبت ما حكاه الزمخشري عن أهل الجاهلية.
وثانياً : أن الدين الإسلامي كان ناسخاً لأحكام الجاهلية ، ومجرّد الحرمة عند أهل الجاهلية لا يوجب رفع اليد عن ظهور الأمر في الوجوب ، ولا يوجب وقوع الأمر في مقام توهّم الحظر حتى لا يكون الأمر ظاهراً في الوجوب.
وحيث إن المشهور على الخلاف لذا قلنا بالاحتياط.
الثاني : هل يجب تثليث الهدي ، بأن يعطي مقداراً منه صدقة ومقداراً منه هدية ويأكل الناسك مقداراً منه ، أم يقسم قسمان الصدقة والأكل منه ولا يجب الإهداء؟
ذهب جماعة إلى التقسيم بأقسام ثلاثة : الصدقة والإهداء والأكل منه ، وخالفهم ابن إدريس واكتفى بالصدقة والأكل منه ولم يذكر الإهداء بل خصه بالأُضحية (٣).
والصحيح وجوب صرفه في جهات ثلاث ، ويمكن الاستدلال لذلك بنفس الآية الشريفة ، فإن التصدق دل عليه قوله تعالى (وَأَطْعِمُوا الْبائِسَ الْفَقِيرَ) (٤) وأمّا
__________________
(١) الوسائل ١١ : ٢٢٢ / أبواب أقسام الحج ب ٢ ح ١٤.
(٢) الكشاف ٣ : ١١.
(٣) السرائر ١ : ٥٩٨.
(٤) الحج ٢٢ : ٢٨.