مسألة ٣٠٣ : اعتبر المشهور في الطّواف أن يكون بين الكعبة ومقام إبراهيم (عليه السلام) ويقدّر هذا الفاصل بستّة وعشرين ذراعاً ونصف ذراع ، وبما أن حجر إسماعيل داخل في المطاف فمحل الطّواف من الحجر لا يتجاوز ستّة أذرع ونصف ذراع ، ولكن الظاهر كفاية الطّواف في الزائد على هذا المقدار أيضاً ، ولا سيما لمن لا يقدر على الطّواف في الحد المذكور ، أو أنّه حرج عليه ، ورعاية الاحتياط مع التمكّن أولى (١).
______________________________________________________
وأمّا اعتبار التوالي بين الأشواط ، فلأنّ الطّواف عمل واحد مركب من أشواط سبعة ، وليس كل شوط عملاً مستقلا ، فحاله حال سائر الأعمال ، والعمل الواحد المركب من أجزاء غير متماثلة كالصلاة ، أو المركب من أجزاء متماثلة كالطواف المركب من الأشواط إذا أُمر به يفهم العرف إتيانه متوالياً من دون فصل بين الأجزاء ، وإلّا فلا يصدق العمل الواحد المأمور به على ما أتى به ، كما إذا أتى بشوط من الطّواف ثمّ بعد عشر ساعات أتى بشوط آخر ، كما هو الحال في الصلاة والأذان والإقامة ، بل حتّى العقود وغير ذلك من الأعمال المركبة ، ومما ذكرنا ظهر اعتبار التوالي في نفس الشوط الواحد وإلّا فلا يصح الطّواف.
(١) المعروف والمشهور بين الأصحاب وجوب كون الطّواف بين الكعبة وبين المقام مراعياً ذلك القدر من البعد في جميع أطراف البيت حتّى جهة حجر إسماعيل ، ولذا يضيق المطاف حينئذ من تلك الجهة ويكون قريباً من ستّة أذرع ونصف ذراع ، ويقرب في سائر الجوانب بستّة وعشرين ذراعاً ونصف ذراع.
ويدلُّ على مذهب المشهور ما رواه الكليني عن محمّد بن مسلم قال : «سألته عن حدّ الطّواف بالبيت الّذي من خرج عنه لم يكن طائفاً بالبيت ، قال : كان الناس على عهد رسول الله (صلّى الله عليه وآله) يطوفون بالبيت والمقام ، وأنتم اليوم تطوفون ما بين المقام وبين البيت ، فكان الحد موضع المقام ، فمن جازه فليس بطائف ، والحد قبل اليوم واليوم واحد قدر ما بين المقام وبين البيت من نواحي البيت كلّها ، فمن طاف