ويجوز لغيرهما النفر من منى بعد ظهر اليوم الثاني عشر (١)
______________________________________________________
ثانيهما : السيرة القطعية القائمة على جواز النفر يوم الثاني عشر ولو لم يتق محرمات الإحرام غير الصيد ، وحمل السيرة على خصوص من اتقى المحرمات حمل على الفرد النادر جدّاً ، إذ قلّ ما يوجد في الحجاج اجتنابهم عن جميع التروك حال الإحرام ، ولو كان المبيت واجباً لمن لم يتق المحرمات المعهودة لظهر وبان. مع أن المعروف بين الفقهاء عدم الوجوب ، بل لم ينقل القول بالوجوب إلّا من ابن سعيد.
ونقل عن ابن إدريس (١) وابن أبي المجد إلحاق المحرمات التي توجب الكفارة بالصيد وهذا أيضاً لم يظهر لنا وجهه أصلاً ، فالأمر يدور بين الاختصاص بالصيد أو التعميم لجميع ما حرّم الله عليه في إحرامه ، والثاني لا يمكن الالتزام به لما عرفت ، فيختص الحكم بالأول ، والأحوط إلحاق النساء أي الوطي بالصيد خروجاً عن شبهة دعوى الإجماع على إلحاقه بالصيد.
فتحصل : أنه من اتقى الصيد يجوز له النفر بعد ظهر اليوم الثاني عشر ، ولا يجب عليه المبيت ليلة الثالث عشر كما في الآية الشريفة (فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ لِمَنِ اتَّقى) (٢) يعني هذا التخيير ثابت للمتقي عن الصيد كما في النصوص (٣).
(١) من اتقى الصيد والنساء على الأحوط جاز له النفر بعد الزوال من اليوم الثاني عشر ولا يجوز قبله ، ويدلُّ عليه صحيح الحلبي «عن الرجل ينفر في النفر الأوّل قبل أن تزول الشمس ، فقال لا ، ولكن يخرج ثقله إن شاء ، ولا يخرج هو حتى تزول الشمس» (٤).
__________________
(١) السرائر ١ : ٥٤٨.
(٢) البقرة ٢ : ٢٠٣.
(٣) الوسائل ١٤ : ٢٧٩ / أبواب العود إلى منى ب ١١.
(٤) الوسائل ١٤ : ٢٧٦ / أبواب العود إلى منى ب ٩ ح ٦.