.................................................................................................
______________________________________________________
الأعذار ، لمرض أو حيض أو عدم قيام الجمّال وعدم صبر القافلة ونحو ذلك من الأعذار ، إذ لا خصوصية لعدم قيام الجمّال المذكور في النص ، فإن العبرة بالعذر ، فهل يشمل إطلاق تلك الروايات هذه الصورة أم لا؟
الظاهر أن التعارض بين تلك الروايات الدالّة على جواز الصوم في الطريق أو في البلد وبين صحيحتي منصور بن حازم تعارض العموم من وجه ، وذلك لاختصاص تلك الروايات بذوي الأعذار وعمومها بالنسبة إلى خروج الشهر وعدمه ، واختصاص الصحيحتين بخروج الشهر وعمومها بالنسبة إلى العذر وغيره ، فيتحقق التعارض في مورد العذر عند دخول شهر محرم ، فإن إطلاق تلك الروايات يثبت الصوم ، وإطلاق الصحيحتين يثبت الدم ، فالنفي والإثبات يتواردان على مورد واحد ويتساقطان ، والمرجع حينئذ الآية الكريمة ومقتضى قوله تعالى (فِي الْحَجِّ) (١) اشتراط وقوع الصوم في شهر ذي الحجة ، وقد صرح في النص بأن في الحج أي في ذي الحجة ، فإن التقييد بالحج يوجب دخل القيد في البدلية وإلّا لكان ذكر القيد لغواً ، فاذا انقضى شهر ذي الحجة فالبدلية غير ثابتة فلا بدّ من الهدي ، فالنتيجة تكون مطابقة لمفاد صحيحتي منصور بن حازم.
ثم إنه وقع الكلام في أن الدم حينئذ هدي أو كفارة؟
المعروف أنه هدي ، واحتمل كاشف اللثام أنه كفارة بل قال هي أظهر (٢) ولكن المستفاد من قوله : «فعليه دم شاة وليس له صوم» (٣) كون الشاة هدياً ، لأن الصوم بدل الهدي ونفيه يقتضي كون الشاة الثابتة عند عدم تحقق الصوم هدياً ، لسقوط البدلية حينئذ ، وإلّا لا موقع لقوله : «ليس له صوم» فلا بد أن يذبحه بمنى أيام النحر.
نعم ، مقتضى النبوي «من ترك نسكاً فعليه دم» (٤) كون الدم كفارة ، ولكن النبوي
__________________
(١) البقرة ٢ : ١٩٦ ونصّها «فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيامُ ثَلاثَةِ أَيّامٍ فِي الْحَجِّ».
(٢) كشف اللثام ١ : ٣٦٥ السطر ٢٦.
(٣) كما في صحيحة منصور بن حازم المتقدمة في ص ٢٩٨.
(٤) سنن البيهقي ٥ : ١٥٢.