.................................................................................................
______________________________________________________
واجب معلقاً على شرط وواجب آخر مثله كان معلقاً على شرط آخر كقولنا : إن أفطرت عمداً فكفّر وإن ظاهرت فكفّر ، فالظاهر من ذلك هو تعدد الكفارة ، وقد ذكرنا في بحث الأُصول (١) أن الظاهر من تعليق الواجب على الشرط حدوث الوجوب بحدوث الشرط ، فكل من الشرطين سبب لوجود هذه الطبيعة ويقتضي وجودها غير ما يقتضيه الشرط للآخر.
ولكن هذا فيما إذا كان في البين وجوبان ، ولا دليل في المقام على تعدّد الوجوب وأمّا في من ضلّ هديه فقد ذكرنا (٢) أنه يجب عليه هدي آخر ، وإن وجده بعد ذبحه الثاني ذبح الأول أيضاً على الأحوط ولا يكتفي بالهدي الثاني ، إلّا أن ذلك في الحج والمفروض في مقامنا أنه مصدود وممنوع من إتيان أعمال الحج ، فلا موضوع لوجوب هدي الحج عليه ولا دليل على إرسال هدي آخر إلى المذبح. ولو تنزلنا عما ذكرنا وقلنا بوجوب بعث الهدي وإرساله ، ولكن قد تقدم منّا أنه ليس ذلك حكماً تكليفياً تعبّدياً ، بل هو أمر إرشادي إلى التحلل ، فله أن يبقى على إحرامه ولا يذبح ولا يرسل الهدي ، فليس الذبح كطواف النساء فإنه واجب مستقل تعبدي يوجب التحلل من النساء ، وأمّا الأمر بالذبح فلا يظهر من الرواية ولا من الآية أنه واجب تعبّدي وليس أمراً مولوياً وإنما أمر به للخروج من الإحرام والتحلل منه ، فلا مورد للتداخل حتى يقال بأن التداخل على خلاف الأصل ، فما ذكره المشهور من الاكتفاء بما ساقه هو الصحيح ، فله أن يذبحه في مكانه ويتحلل به ، وله أن يرسله إلى المذبح ويتحلل ببلوغ الهدي محله.
فرع : لو وجب عليه هدي كفارة أو نذراً فهل يكتفي بهدي التحلل أم لا؟
الظاهر هو التفصيل ، أمّا بالنسبة إلى الكفارة فالصحيح عدم التداخل وعدم الاكتفاء بهدي التحلل ، لأن الظاهر من الدليل هو وجوب الكفارة عليه وجوباً مستقلا غير هدي التحلل ، وكل منهما أمر يباين الآخر ، ولكل منهما حكم خاص مباين للآخر
__________________
(١) محاضرات في أُصول الفقه ٥ : ١١٨.
(٢) في ص ٢٥٩.