نصب منون وجعل مع (لا) اسما واحدا ، ولذلك حذف منه التنوين وبني. قال : وتركيب الاسم أكثر من تركيب الحرف مع الاسم نحو خمسة عشر وبابه ، وهو جاري بيت بيت ونحوه. قال : وأمّا جعل ثلاثة أشياء بمنزلة شيء واحد فهو إجحاف ، ولذلك لم يحكم ببناء (لا سيما) ، ولم يجز تركيب الصفة مع اسم (لا) لأنه ليس من العدل جعل ثلاثة أشياء شيئا واحدا.
السادس : قال أبو حيان : قد يحدث بالتركيب معنى وحكم لم يكن قبله ، ألا ترى أن (هل) حرف استفهام تدخل على الجملة الاسمية والفعلية ، فإذا ركبت مع (لا) فقيل : هلّا صار المعنى على التحضيض ، ولم تدخل (إلّا) على الفعل ظاهرا أو مضمرا. وكذلك (لو) كانت لما كان سيقع لوقوع غيره ، ولا يليها إلا الفعل ظاهرا أو مضمرا فإذا ركّبت مع (لا) صارت حرف امتناع لوجود واختصّت بالجملة الاسمية.
وقال (١) الزمخشري : (ألا) مركّبة من همزة الاستفهام و (لا) النافية وبعد التركيب صارت كلمة تنبيه تدخل على ما لا تدخل عليه كلمة (لا). وقال الشيخ أكمل الدين في (حاشية الكشاف) : قد تركب حروف المعاني فيستفاد منها معنى غير ما كان أولا ، كـ : هلّا وألا ولو لا ولو ما وإلا كذلك.
وقال (٢) ابن يعيش : كأي مركبة أصلها (أي) زيد عليها كاف التشبيه وجعلا كلمة واحدة وحصل من مجموعهما معنى ثالث لم يكن لكل واحد منهما في حال الإفراد. قال : ولذلك نظائر من العربية.
وقال السخاوي في (تنوير الدياجي) : فإن قيل : ليس في (كأي) معنى التشبيه ولا الاستفهام.
قيل : لما ركبت أزيل عن الكاف معنى التشبيه وعن أي معناها.
فإن قيل : فكيف قلبت وهي كلمتان؟.
قيل : صيرت كلمة واحدة فقلبت قلب الكلمة الواحدة ، كما قالوا : رعملي ، في لعمري ، قال : ولما دخل هذه الكلمة هذا التغيير صار التنوين بمنزلة النون التي في أصل الكلمة وصارت بمنزلة لام فاعل ، فعلى هذا ترسم بالنون ويوقف عليها بالنون وهي قراءة الجماعة غير أبي عمرو (٣).
__________________
(١) عن الكشاف بتصرف (١ / ٤٨).
(٢) انظر شرح المفصّل (٤ / ١٣٥).
(٣) إشارة إلى الآية (وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ) [آل عمران : ١٤٦].