صحّحوا عور وحول لما كان في معنى اعورّ واحولّ ، وكما جاؤوا بالمصدر فأجروه على غير فعله لما كان في معناه نحو قوله : [الوافر]
٤٥ ـ [بما لم تشكروا المعروف عندي] |
|
وإن شئتم تعاودنا عوادا |
لما كان التعاود أن يعاود بعضهم بعضا ، وعليه جاء قوله : [الوافر]
٤٦ ـ [وخير الأمر ما استقبلت منه] |
|
وليس بأن تتبعه اتّباعا |
ومنه قول الله تعالى : (وَتَبَتَّلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلاً) [المزمل : ٨] وأصنع من هذا قول الهذلي : [الكامل]
٤٧ ـ ما إن يمسّ الأرض إلّا منكب |
|
منه وحرف السّاق طيّ المحمل |
فهذا على فعل ليس من لفظ هذا الفعل الظاهر ، ألا ترى أن معناه : طوى طيّ المحمل ، فحمل المصدر على فعل دلّ أوّل الكلام عليه ؛ وكذلك قوله تعالى : (مَنْ أَنْصارِي إِلَى اللهِ) [آل عمران : ٥٢] أي : مع الله ، وأنت لا تقول : سرت إلى زيد أي : معه ، أي : لما كان معناه من ينضاف في نصرتي إلى الله جاز لذلك أن تأتي هنا بإلى ، وكذلك قوله تعالى : (هَلْ لَكَ إِلى أَنْ تَزَكَّى) [النازعات : ١٨] وأنت إنما تقول : هل لك في كذا ، لكنه لما كان هذا دعاء منه صلّى الله عليه وآله وسلّم له صار تقديره أدعوك وأرشدك إلى أن تزكّى ، وعليه قول الفرزدق : [الرجز]
٤٨ ـ [كيف تراني قالبا مجنّي] |
|
قد قتل الله زيادا عنيّ |
لما كان معناه صرفه عدّاه (بعن). ووجدت في اللغة من هذا الفن شيئا كثيرا لا يكاد يحاط به ، ولعلّه لو جمع أكثره لا جميعه لجاء كتابا ضخما ، وقد عرفت طريقه فإذا مرّ بك شيء منه فتقبله وأنس به ، فإنه فصل من العربية لطيف حسن ، انتهى.
__________________
٤٥ ـ الشاهد لشقيق بن جزء في هامش الخصائص (٢ / ٣٠٩) ، وبلا نسبة في خزانة الأدب (١٠ / ١٣٥) ، ورصف المباني (ص ٣٩) ، وأدب الكاتب (ص ٦٣٠).
٤٦ ـ الشاهد للقطامي في ديوانه (ص ٣٥) ، وشرح أبيات سيبويه (٢ / ٣٣٢) ، والشعر والشعراء (٢ / ٧٢٨) ، ولسان العرب (تبع) ، وبلا نسبة في أدب الكاتب (ص ٦٣٠) ، وجمهرة الأمثال (١ / ٤١٩) ، وشرح المفصّل (١ / ١١١) ، والمقتضب (٣ / ٢٠٥).
٤٧ ـ الشاهد لأبي كبير الهذلي في الكتاب (١ / ٤٢٦) ، وخزانة الأدب (٨ / ١٩٤) ، وشرح أبيات سيبويه (١ / ٣٢٤) ، وشرح أشعار الهذليين (١٠٧٤) ، وشرح التصريح (١ / ٣٣٤) ، وشرح ديوان الحماسة للمرزوقي (ص ٩٠) ، وشرح شواهد الإيضاح (ص ١٤٧) ، وشرح شواهد المغني (١ / ٢٢٧) ، والمقاصد النحوية (٣ / ٥٤) ، وللهذليّ في الخصائص (٢ / ٣٠٩) ، وبلا نسبة في الإنصاف (١ / ٢٣٠) ، والمقتضب (٣ / ٢٠٣).
٤٨ ـ الشاهد للفرزدق في ديوانه (ص ٨٨١) ، والمحتسب (١ / ٥٢).