يريد فيما وصاني ، وذهب أبو عثمان في قوله تعالى : (يا أَبَتِ) [يوسف : ١٠٠] ، أنه أراد أبتاه وحذف الألف ، ومن أبيات الكتاب قول لبيد : [الرمل]
٦٧ ـ [وقبيل من لكيز ناهد] |
|
رهط مرجوم ورهط ابن المعلّ |
يريد المعلّى. وحكى أبو عبيد وأبو الحسن وقطرب وغيرهم : رأيت فرخ ونحو ذلك. فإذا كانت هذه الحروف تتساقط وتهي عن حفظ أنفسها وتحمل خواصها وعواني ذواتها ، فكيف بها إذا جشمت احتمال الحركات النيّفات على مقصور صورتها ، نعم : وقد أعرب بهذه الحروف أنفسها كما يعرب بالحركات التي هي أبعاضها وذلك في باب : أبوك وأخوك والزيدان والزيدون والزيدين ، وأجريت هذه الحروف مجرى الحركات في (زيد) ، (وزيدا) ، (وزيد) ومعلوم أن الحركات لا تتحمل لضعفها الحركات ، فأقرب أحكام هذه الحروف إن لم تمتنع من احتمالها الحركات إذ احتملتها جفت عنها وتكاءدتها ، ويؤكد عندك ضعف هذه الأحرف الثلاثة أنك إذا وجدت أقواهن وهما الواو والياء مفتوحا ما قبلهما فإنهما كأنهما تابعان لما هو منهما ، ألا ترى إلى نحو ما جاء عنهم من نحو نوبة ونوب وجوبة وجوب ودولة ودول ، فمجيء فعلة على فعل يريك أنها كأنها إنما جاءت عندهم من فعلة ، وكأن دولة دولة وجوبة جوبة ونوبة نوبة ، وإنما ذلك لأن الواو مما سبيله أن يأتي للضمة تابعا. وكذلك ما جاء من فعلة مما عينه ياء على فعل نحو : ضيعة وضيع ، وخيمة وخيم ، وعيبة وعيب ، كأنه إنما جاء على أن واحدته فعلة نحو : ضيعة وخيمة وعيبة ، أفلا تراهما مفتوحا ما قبلهما مجريين مجراهما مكسورا ومضموما ما قبلهما ، فهل هذا إلا لأن الصيغة مقتضية لسياغ الاعتلال فيهما.
فإن قلت : ما أنكرت أن لا يكون ما جاء من نحو : فعلة على فعل نحو : نوب وجوب ودول ، لما ذكرته من تصوّر الضمة في الفاء ، ولا يكون ما جاء من فعلة على فعل نحو : ضيع وخيم وعيب لما ذكرته من تصور الكسرة في الفاء ، بل لأن ذلك ضرب من التكسير ركبوه فيما عينه معتلّة كما ركبوه فيما عينه صحيحة نحو : لأمة
__________________
٦٧ ـ الشاهد للبيد بن ربيعة في ديوانه (ص ١٩٩) ، والخصائص (٢ / ٢٩٣) ، والدرر (٦ / ٢٤٥) ، وشرح شواهد الإيضاح (ص ٣٢٠) ، وشرح شواهد الشافية (ص ٢٠٧) ، ولسان العرب (رجم) ، والمقاصد النحوية (٤ / ٥٤٨) ، والممتع في التصريف (٢ / ٦٢٢) ، وبلا نسبة في جمهرة اللغة (ص ٤٦٦) ، والدرر (٦ / ٢٩٨) ، ورصف المباني (ص ٣٦) ، وسرّ صناعة الإعراب (٢ / ٥٢٢) ، وشرح شافية ابن الحاجب (٢ / ٢٨٥) ، والمحتسب (١ / ٣٤٢) ، والمقرّب (٢ / ٢٩) ، وهمع الهوامع (٢ / ١٥٧).