فهذا انفعل ينفعل انفعالا ، والألف فيه عين وينبغي أن تكون عينه واوا لأنها أقرب معنى من الياء هنا ، نعم ، قد يمكن عندي أن تكون هذه لغة تولدت ، وذلك أنه لما سمع ينباع أشبه في اللفظ ينفعل فجاؤوا منها بماض ومصدر ، كما ذهب أبو بكر إليه فيما حكاه أبو زيد من قولهم : ضفن الرجل يضفن ، إذا جاء ضيفا مع الضيف ، وذلك أنه لما سمعهم يقولون : (ضيفن) وكانت فيعل في الكلام أكثر من (فعلن) توهمه فيعلا فاشتقّ الفعل منه بعد أن سبق إلى وهمه هذا فيه ، فقال : ضفن يضفن ، فلو سئلت عن مثال ضفن يضفن على هذا القول لقلت : فلن يفلن ، لأن العين قد حذفت ، قال : ومن مطل الفتحة عندنا قول الهذلي : [الكامل]
١٠٩ ـ بينا تعنّقه الكماة وروغه |
|
يوما أتيح له جريء سلفع |
أي بين أوقات تعنقه فأشبع الفتحة فأنشأ عنها ألفا. وحدثنا أبو علي أن أحمد ابن يحيى حكى (خذه من حيث وليسنا). قال : وهو إشباع (ليس) ، وحكى الفراء عنهم : أكلت لحما شاة ، أراد لحم شاة ، فمطل الفتحة فأنشأ عنها ألفا. ومن إشباع الكسرة ومطلها ما جاء عنهم من الصياريف والمطافيل والجلاعيد ، والأصل جلاعد جمع جلعد وهو الشديد ، فأما ياء مطاليق ومطيليق فعوض من النون المحذوفة وليست مطلا. ومن مطل الضمة قوله : [الرجز]
١١٠ ـ ممكورة جمّ العظام عطبول |
|
كأنّ في أنيابها القرنفول |
وأما الثاني فالحروف الممطولة هي الحروف الثلاثة المصوتة : الألف والياء والواو ، وهي من حيث وقعت فيها امتداد ولين ، إلا أن الأماكن التي يطول فيها صوتا ويتمكن مدتها ثلاثة ، وهي أن تقع بعدها وهي سواكن توابع لما هن منهن وهو الحركات من جنسهن الهمزة والحرف المشدد أو أن يوقف عليها عند التذكر. فالهمزة نحو : كساء ورداء وخطيئة ورزيئة ومقروءة ومخبوءة ، وإنما تمكن المدّ فيهن
__________________
١٠٩ ـ الشاهد لأبي ذؤيب في خزانة الأدب (٥ / ٢٥٨) ، والدرر (٣ / ١٢٠) ، وسرّ صناعة الإعراب (١ / ٢٥) ، وشرح أشعار الهذليين (١ / ٣٧) ، وشرح شواهد المغني (١ / ٢٦٣) ، وشرح المفصّل (٤ / ٣٤) ، ولسان العرب (بين) ، وبلا نسبة في الخصائص (٣ / ١٢٢) ، ورصف المباني (ص ١١) ، وشرح المفصّل (٤ / ٩٩) ، ومغني اللبيب (١ / ٣٧٠) ، وهمع الهوامع (١ / ٢١١).
١١٠ ـ الرجز بلا نسبة في الإنصاف (١ / ٢٤) ، والخصائص (٣ / ١٢٤) ، ولسان العرب (قرنفل) ، والممتع في التصريف (١ / ١٥٦) ، وتهذيب اللغة (٩ / ٤١٦) ، وكتاب العين (٥ / ٢٦٣) ، والمخصص (١١ / ١٩٦).